قال: والمنصوص عليه في القديم (١): أنها إذا سكتت، تحرم الخِطبة على الغير، وهذا يعتضد بالعادة في الباب؛ فإن الغالب أن المرأة إذا خُطبت، لم تبادر بالإسعاف، وإنما تسكت، ثم تُراجَع مرة أخرى، أو مراراً.
٨٠٨٦ - ثم الاعتبار في الرد والإجابة بمن العقد إليه على سبيل الإجبار، أو بالمرأة - إن كانت مستأذَنة، وكان النكاح يفتقر إلى إذنها؟
وبيان ذلك أن أَبَ البكر (٢) لما كان مُجبِراً، فالمخاطَب بالخِطبة هو (٣)، ثم العبرة به في الرد والإجابة والسكوت، ولا أثر للمرأة في ذلك.
وإن كانت ثيّباً؛ فهي المخطوبة، وإن كانت لا تتولَّى العقد، من جهة أنها الأصل. وإذا رضيت بكفءٍ طلبها (٤)، حصل غرضها، فإن ساعدها الولي، فهو المراد، وإن خالفها، توصلت إلى غرضها من جهة القاضي، وكان الولي عاضلاً.
٨٠٨٧ - ثم حاصل المذهب أن من يُعتبر -على ما ذكرناه- إن صرح بالرد، فللغير أن يخطب. وإن صرح بالقبول، حرمت الخطبة على الغير. وإن سكت: فوجهان، أو (٥) قولان. وإن لم يُدْرَ أخطبت أم لا؟ فليس على الذي يريد الخطبة أن يبحث؛ بل له الهجوم على الخطبة. وإن خُطبت، ولم يدر أن الخاطب أجيب أو رُدّ، فظاهر ما ذكره الصيدلاني أن الخطبة لا تحرم؛ فإنه استدل بحديث فاطمة، وهذه الحالة تتميز عما إذا فرض السكوت في مقابلة الخطبة؛ فإن ذلك (٦) محقق والحالة التي ذكرناها - فيه إذا جوّزنا الرد وجوّزنا غيره. فهذا منتهى التفصيل.
٨٠٨٨ - فإن قيل: قد ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم كل واحد من خاطبَي
(١) حكى الرافعي والنووي القولين، ولكن الرافعي عكس الأمر، فوضع القديم مكان الجديد والجديد مكان القديم. (ر. الشرح الكبير: ٧/ ٤٨٥، الروضة: ٧/ ٣١).
(٢) في الأصل: أن أبا بكر.
(٣) في النسختين: فللمخاطب بالخطبة ثم العبرة.
(٤) في النسختين: طلبه.
(٥) في الأصل: والقاضي قولان.
(٦) ت ٣: دالّ محقق.