ثم إذا ثبت نكاحها بَعُدَ الطلاق فيها، والأخرى قد تعينت للفراق بحق الإسلام؛ فلا ينفذ فيها الطلاق.
وفائدة ذلك أنه لو أراد أن ينكح التي لم يخترها من غير أن تنكح زوجاً غيره، صح.
قال الشيخ أبو علي: هذا الذي ذكره ابن الحداد حقه أن يفرع على أنا هل نحكم لأنكحة الشرك بالصحة أم لا؟ فإن قلنا: نحكم بصحة أنكحتهم، فنقول على موجب ذلك: صح النكاح في الشرك على الأختين، وإن كان على مخالفة الشرع في العقود التي نقيمها (١) في الإسلام، وإذا حكمنا بصحة النكاح؛ فإنا نحكم بوقوع الطلاق على الأختين جميعاً. وموجب ذلك أنه إذا أسلم معهما، فهما محرمتان، فلا معنى للتخيير والاختيار.
والوجه أن نقول: من نكحت منهما وحللها زوجها، جاز للمطلِّق نكاحها. ولو نكحتا جميعاً، فهما بمثابة أختين أجنبيتين، وهذا الذي أسلم ينكح من شاء منهما.
هذا إذا حكمنا بصحة النكاحين.
وإن لم نحكم بصحة أنكحتهم على الإطلاق، فلا سبيل إلى الحكم بفساد أنكحتهم؛ فإن ذلك يبطل بالطرق التي قدمناها.
ولكن نقول (٢) إذا أسلم وأسلمتا في مسألة ابن الحداد: لو لم يكن طلاق، لكان يختار إحداهما، فإذا اختار، تبين أن النكاح في الشرك كان صح على هذه التي وقع الاختيار عليها، ولسنا نتعرض قبل الاتصال بالإسلام لصحة ولا فساد (٣). فإذا اتصل الأمر بالإسلام، فالحكم ما ذكرناه.
ثم يصار مع الإسلام إلى أن الجمع بين الأختين (٤) في حكم شيء فاسد لا يصح
(١) في الأصل: نقيسها. والمثبت تقدير منا.
(٢) في الأصل: لا نقول.
(٣) أي نتوقف في أنكحتهم - وكان هذا ميلَ ابن الحداد. (ر. الشرح الكبير: ٨/ ٩٩).
(٤) مكان كلمات غير مقروءة بالأصل. إلا على استكراه.