فأسلم الآخر ولا مفسد حالة الاجتماع في الإسلام؛ فلا ينقطع النكاح.
هذا موجب القياس الذي ذكرناه في اعتبار شرائط نكاح الإماء، ولم يصر إلى التسوية بين البابين معتبر من أئمة المذهب. وكان ذلك إشكالاً عظيماً.
وإن ظن أنه يتأتّى الانفصال من هذا الإشكال بأن يقال: اليسار طارىءٌ على نكاح الأمة، وطريانه لا يوجب قطع النكاح، والعدة مقترنة بالعقد، وقد لحقها الإسلام، فهذا لا يحل الإشكال من أوجه: منها - أن ذلك لو كان صحيحاً، لوجب ألا يؤثر اليسار الطارىء حالة الاجتماع في الإسلام، فإنا إذا لم نجعل الإحرام مؤثّراً في النكاح، طردنا ذلك حالة الاجتماع في الإسلام أيضاً، وقضينا بأنه لا يؤثر، وكذلك الكلام في عدة الشبهة، إذا لم نجعلها مؤثّرة. هذا وجه.
والوجه الثاني - أنا لو قدرنا اقتران اليسار بالعقد الذي جرى في الشرك، للزم أن نقول: إذا دام اليسار حتى أسلم أحد الزوجين؛ فسد النكاح، من جهة الاقتران الذي صورناه، وكما نشترط في الإسلام خلو المنكوحة عن العدة حالة النكاح، فكذلك نشترط في نكاح الحر الأمةَ العجزَ عن طَوْل الحرة حالة العقد، فلا فرق. وقد بطل التعويل على الاقتران والطريان.
والوجه الثالث - في الإشكال: أن الشافعي وأصحابه اتفقوا على أن الحر إذا نكح في الشرك حرة وأمة، ثم أسلم وأسلمت الحرة، وتخلفت الأمة، وماتت الحرة بعد ما أسلمت، ثم أسلمت الأمة ولا حرة، ولا قدرة على طَوْل الحرة؛ فلا سبيل إلى إمساك الأمة؛ فقد جعل الأصحاب الحرةَ دافعة لنكاح الأمة المتخلفة.
فهلا قالوا: إذا نكح أمة ثم أسلم، وتخلفت الأمة، فكان الزوج موسراً لما أسلم، فنجعل يساره دافعاً لنكاح الأمة كما دفعته (١) الحرة!
٨١٠٧ - فهذه وجوه من الاعتراضات لا يستقل بأدناها الغواصون، ونحن نبتغي أن نجمعها، ثم نستعين بالله عز وجل في محاولة الانفصال عنها، وطردها على أبلغ وجه مع استفراغ الوسع والإمكان.
(١) في الأصل: دفعه.