فإن حكمنا بانعقاد النكاحين، فنقول بحسبه: ينعقد النكاح على الأم والبنت (١)، ثم يدرأ الإسلام نكاحَ الأم ويحرّمها بنكاح البنت.
وإن أعرضنا عن عقودهم، فحقيقة هذا القول أنا عند الاتصال بالإسلام نتبين تصحيح ما يقع الاختيار عليه، مستنداً إلى حالة النكاح في الشرك؛ فعلى هذا لا نثُبت القول بصحة النكاح على البنت، كما لا نقطع به في نكاح الأم. فإذا أسلموا خيّرناه. فإن اختار الأم (٢)، اندفعت البنت، وليست محرَماً، ولكنها تندفع اندفاع الأخت. فإن اختار البنت، تبيّنّا صحة النكاح فيها، واندفع نكاح الأم بالمحرمية.
وهذا القول هو المذهب الذي أجاب به ابن الحداد، حيث قال: إذا نكح المشرك أختين، وطلّق كل واحدة منهما ثلاثاً، ثم أسلم وأسلمتا، وقد مضى جوابه، وبان خروجه على الأصل الذي ذكرناه، وفائدة تقديم الأصول الإحالة عليها.
٨١١٨ - ثم قال ابن الحداد في مسألة الأم والبنت: إن فرّعنا على قول التخيير، فإذا اختار إحداهما، التزم نصفَ مهر التي فارقها؛ فإنّ تعيّنها للفراق محال على اختياره؛ وكان تسبّبه إلى الفراق بمثابة الطلاق قبل المسيس.
قال القفال: هذا الذي قاله غلط، والأمر بالضد؛ لأنا إذا قلنا: يتخير، فإنما ذلك لأن نكاح الشرك لا حكم له؛ فكيف يجب الصداق (٣)؟ وإن قلنا: البنت تتعين للإمساك، فيجب نصف مهر الأم، لأن هذا تفريع على أن نكاح الشرك يصح. فقد صح النكاح على الأم، ثم اندفع.
وهذا الذي ذكره القفال من الاعتراض في صيغته (٤) خلل؛ لأنه زعم أن التخيير مبني على أن نكاح الشرك لا حكم له، وهذا كلام فاسد لما ذكرناه. نعم، يتوجه الاعتراض على ابن الحداد على صيغةٍ أخرى - قدمناها في تمهيد الأصل الأول، وعددناها من الإشكالات على ابن الحداد.
(١) ت ٣: على الأم والشرك في البنت.
(٢) ت ٣: فإن اختار الإسلام.
(٣) ت ٣: فكيف يجب الصداق للأم؟
(٤) في النسختين: صيغة.