والثاني - في نجاسة الكلب.
٣١٦ - فأما ما سوى الكلب، فإن كانت النجاسة مُعايَنةً، وكانت عينُها ظاهرة، فإزالتها برفع عينها، وقطع أثرها بالماء الطهور، وليس فيها تعبّدٌ برعاية عددٍ. وإنما التعبد بالعدد في الاستنجاء بالأحجار عند (١) الاقتصار عليها.
ثم إن كان يبقى للنجاسة طعمٌ، فالنجاسة (٢) باقية، وحكمها باقٍ. وإن بقي لونٌ يتيسّر إزالته، فالجواب كذلك. وإن كان اللون عسير الإزالة كلون الحناء، وما في معناه، فلا يضّر بقاؤه.
والشاهد فيه ما روي أن نسوة رسول الله صلى الله عليه وسلم سألنه عن دم الحيض يصيبُ الثوبَ، وذكرن له أن لون الدم يبقى، فقال عليه السلام " الْطَخْنه بزعفران " (٣)، ولم يكن ذلك تعبداً جازماً، ولكن أبان لهن أن اللون الباقي لا أثر له، أي فإن كرهتنّ رؤيته، فالطخنه بزعفران.
وأما الرائحة، فإن لم يكن للنجاسة رائحة قوية، وكانت سهلة الإزالة، فلا بد من إزالتها.
٣١٧ - وإن كانت لها رائحة نافذة قويّة، كالخمر العتيقة، وبول المبَرْسَم (٤)، وما في معناهما، فبقيت مع الإمعان في الغَسل، ففيه قولان: أحدهما - أن حكم النجاسة باقٍ؛ فإن الرائحة في الغالب تزول، والحكم للغالب، والألوان منقسمة إلى ما يعسر زواله، وإلى ما يتيسّر.
(١) في الأصل: بعد، وقد صدق حدسنا، كما في (م)، (ل).
(٢) زيادة من (م)، وعبارة (ل): للنجاسة تطعم فالنجاسة وحكمها باق
(٣) حديث: " الطخنه بزعفران " قال الحافظ: لا أعلم من أخرجه هكذا، لكن روي موقوفاً، رواه الدارمي عن عائشة، ورواه أبو داود عن عائشة، بلفظ: " فلتغيره بشيء من صفرة " ا. هـ. وصححه الألباني (ر. تلخيص الحبير: ١/ ٣٦ ح ٢٧، الدارمي: كتاب الوضوء، باب المرأة الحائض تصلي في ثوبها إذا طهرت، ح ١٠١١، وأبو داود: الطهارة، باب المرأة تغسل ثوبها الذي تلبسه في حيضها، ح ٣٥٧، والصحيح: ح ٣٤٤).
(٤) المبرسم من أصابه البرسام، وهو ذات الجنب، وهي التهاب في الغشاء المحيط بالرئة (المعجم).