والمعنى الثاني - أنها تطالب بحصول الاستمتاع؛ فإنَّ النكاح شملهما، وغرض الشرع إعفافُهما به، فينبغي أن تكون على حظٍّ من الاستمتاع تملك طلبه.
وخَرَّجَ الأئمةُ على هذين الوجهين مسائلَ: منها: أنَّ المرأة إذا أبرأت عن المهر قبل الدخول، فهل تملك بعد الإبراء طلب الوطء؟
هذا يخرج على المعنيين، فإن قلنا: إنما تَطلُب الوطءَ لتقرير المهر، لم تملك طلبه، وقد أبرأت عن المهر. وإن قلنا: إنها تطلبه بحصول حقها في المستمتع، فلها الطلب في هذا المقام.
ومن المسائل المفرعة: أنَّ السيد إذا زوَّج أمته من عبده، فلا مهر. وهل تملك الأَمةُ طلبَ الوطء تفريعاً على الوجه الضعيف؟ فعلى وجهين مبنيين على المعنيين.
وكذلك إذا زوَّج أَمَتَهُ من حُرّ، أو عبد ليس له، وثبت المهر، فإن قلنا: طلبُ الوطء لاستحقاق مستمتع؛ فهو للأمة. وإن قلنا: طلبُ الوطء لتقرير المهر، فهو للسيد؛ لأن المهر له.
وقاعدة المذهب أنَّ المرأة لا تَطلب طلبة المهر قطّ (١). وكنت أُقرّر هذا الوجه في الأوجه الضعيفة التي ينفرد بنقلها (٢) الخلافيون (٣)، حتى رأيته موجّهاً مفرّعاً على النسق الذي ذكرته في الكلام (٤).
٨٣١٤ - ثم إذا فرّعنا، وملكت المرأة طلبَ الوطء؛ فلو قال الزوج: أمهلوني مهلة العنين، لم نفعل؛ فإنه قادر على الوطء، وتلك المدة مضروبة لامتحان عجز (٥) الزوج وتبيّن عنته.
(١) أي ما يقرر المهر، ويثبته على الزوج كاملاً.
(٢) في الأصل: بنقله.
(٣) يشير بهذا إلى أحد خصائص منهج علم الخلاف، وأنه يذكر الوجه الضعيف، ويقرره وينصره في مقابلة الخصم، لا إيماناً بهذا الوجه الضعيف، ودعوة إلى العمل به، ولكن رغبة في امتحان الأدلة، والتدرّب في المناظرة، والقدرة على الاستنباط.
(٤) في الأصل: "كلام".
(٥) في الأصل: غير.