فيتحصل من مجموع ما ذكرناه أن لا يمتنع الفتور كما أومأنا إليه، لا غير.
ولا شك أن زوج البكر إذا عجز عن افتراعها -وإن كان يأتي الثيب- في حكم العنين.
٨٣٢٠ - ومما نحسم به هذه الفصول المتفرقة: أن العُنة إذا ثبتت بالإقرار أولاً، ثم امتُحِن استمرارها بالمدة وخلوها عن الوقاع، ثم رضيت المرأة بالمُقام، سقط حقها وفاقاً؛ والسبب فيه أن العنة شابهت الجَبَّ في منتهى الأمر؛ حيث أثبتت حق الفسخ، فالرضا في وقت ثبوت حق الفسخ يُسقِط الحقَّ.
ولو أقر الزوج بالعنة، ولم تنقضِ المدة بعدُ، فرضيت بالمُقام، فهل يسقط حقها برضاها؟ فعلى قولين، ذكرهما القاضي والصيدلاني: أحدهما - أن حقها يسقط، كما لو رضيت بعد انقضاء المدة، وثبوت حق الفسخ.
والقول الثاني - إن حقها لا يسقط؛ فإنها لم تتحقق منه العُنة بعدُ، فَحُمل رضاها على توقع عوْد القدرة.
والدليل عليه: أنها لو أرادت الفسخ قبل انقضاء المدة، لم تتمكن من ذلك.
فإن قيل: هل يبتني هذا على إسقاط الحق قبل ثبوته إذا وجد سبب الثبوت؟
قلنا: هذا تشبيه من طريق اللفظ. والوجه: أخذ القولين من مأخذ الباب، وكأن أحد القولين راجع إلى أن العيب لم يتحقق، فكان رضاها بمثابة رضاها تحت زوجها المُولي.
وإذا تحققت العنّة، فالرضا بالعيب (١) لازم مُلزِم.
هذا مأخذ ترديد القولين.
ومما يتعلق بتمام ذلك: أنها لو فسخت النكاح بعد تحقق العنة، فإذا أرادت أن تعود إلى المطالبة، فقد ذكر بعض المحققين أن هذا يُخرَّج على القولين الذين ذكرناهما. وهذا حسن. وإن كان ينقدح بين هذه الصورة وبين الصورة المتقدمة
(١) في الأصل: بالرضا فالعيب.