لا تورث عِيافة، ولذلك رأينا هذا القول أقيس. فإن كان الخَصي يعجز عن الضَّربان (١)، فحكمه حكم العنين، على هذا القول، فلا بد من ضرب المدة، والجريان على المناظم المقدمة.
ومما يتصل بذلك: أن المرأة إذا ادعت عدم الإصابة في مدة العنة - والزوج خَصي، وادعى الزوج الإصابة، فهذا فيه تردد بين الأصحاب.
فذهب الأكثرون إلى أن القول قول الزوج.
وذهب أبو إسحاق المروزي إلى أن القول قولها؛ لأن الظاهر معها. وقد قدمتُ ذكر هذا.
٨٣٢٩ - ثم ذكر الشافعي خروج الزوج على صورة الخناثى، وقد استقصيت القول في ذلك في باب العيوب، ولكني اطلعت على علامات -ذكرها الأصحاب في الطرق- تثبت بها الذكورة والأنوثة. وغالب ظني أني لم أستقصها كذلك في باب الطهارة، فلا يضر ذكرها، وإن كانت معادة، احتملناها.
وقد قدمنا أن الخنثى إذا كان يبول بالمسلكين، فلا حكمَ للبول، ولا بيان فيه.
وذكر العراقيون: من أصحابنا من اعتبر قلة البول وكثرته، وهذا كنا نعرفه مذهب أبي يوسف (٢)، وأنه دلّنا (٣) عليه حكايةٌ بينه وبين أبي حنيفة.
وحكى القاضي قولاً في القديم: أنا نعتبر السبق في المبالين (٤)، حتى إذا كان يسبق إلى أحدهما، فعليه التعويل. وحكى أيضاًً عن القديم اعتبار الكثرة والقلة، ومما حكاه أن البول إذا كان يسبق إليهما جميعاً معاً، ولكن كان يحدث (٥) الانقطاع
(١) الضربان: من ضرب يضرب ضرباً وضراباً وضَرباناً. والمعنى هنا النكاح (المعجم والمصباح).
(٢) ر. الاختيار لتعليل المختار: ٣/ ٣٨، حاشية ابن عابدين: ٥/ ٤٦٤، والبدائع: ٧/ ٣٢٨، والمبسوط: ٣٠/ ١٠٤، ١٠٥، والبحر الرائق: ٨/ ٥٣٩.
(٣) في الأصل: دنا.
(٤) في الأصل: المالين.
(٥) زيادة اقتضاها السياق.