جوابه في جواز الاستئجار على إعادة الدروس.
وهذا كلام ملتبس، والتحقيق فيه أنَّ من استأجر شخصاً ليعلمه مسألةً، أو مسائلَ من العلوم، فهو جائز، لا يجوز أن يكون فيه خلاف، وهو بمثابة الاستئجار على تعليم القرآن، وإن ظن أن ذلك يمتنع من قِبَل تفاوت الناس في الفهم والدرك، فهم متفاوتون في الحفظ أيضاً قطعاً، ثم لم يمنع الاستئجار في المحفوظات، والحفظُ في معنى الفهم.
والذي ذكره الأصحاب من مَنْع الاستئجار على التدريس محمولٌ على ما إذا استأجر رجلٌ (١) مدرساً حتى يتصدى للتدريس إقامةً لعلم الشريعة من غير أن يعيِّن له من يعلمه، فهذا إن امتنع، فسببه أنه تصدى للأمر العام المفروض على الكفاية، فكان بمثابة الجهاد.
ولو فرضنا استئجار مقرىء على هذه الصورة، لكان ممتنعاً، كما يمتنع استئجار المدرس.
ولكن جرى كلام الأصحاب في الدرس، ومن يعلّم القرآن على العادة الغالبة في كل نوع؛ فإنهم لم يصادفوا مستأجَراً على تعليم العلم في العادة، والاستئجار على تعليم القرآن غالب (٢).
وفي النفس من الاستئجار على التدريس والتصدي له شيء؛ من جهة أنه (٣) قد يشابه الأذان؛ فإنَّ الغرض من كل واحد منهما نفعٌ راجع إلى الناس عموماً من غير تخصيص أشخاص، وليس في امتياز الأذان عن التدريس -بالفرضية في أحدهما- فقه؛ فإنَّ المعتمد في منع الاستئجار على الجهاد أنه نزل على أهل الاستمكان نزولاً
= ثم ما ذكره الذهبي، والحافظ عن المفيد هذا أنه محدث ضعيف متهم.
فهل هناك من يسمى بأبي بكر المفيد غير هذا أم أن في العبارة تصحيفاً؟ الله أعلم. (ر. سير أعلام النبلاء: ١٦/ ٢٦٩، ميزان الاعتدال: ٣/ ٤٦٠، لسان الميزان: ٥/ ٤٣).
(١) في الأصل: رجلاً.
(٢) في الأصل: غالبة.
(٣) في الأصل: من جهته قد يشابه.