النكاح بمهر المثل، لكان هذا تجنّياً ظاهراً واحتكاماً عليها وتغييراً لموجب إذنها، وليس كما لو كان الصداق خمراً؛ فإنه لا حكم لرضاها بالخمر، وطلبها أكثر من مهر المثل يسوغ في الشرع؛ فليفهم الناظر هذه الدقيقة، فإنا رأينا المتعمقين يرون قول فساد النكاح قولاً فاسداً في المذهب، لا يرون له اتجاهاً إلا على قول بعيد في أن فساد المهر يؤدي إلى فساد النكاح، وليس الأمر كذلك؛ فإن الشافعي في مساق نصوصه على أن النكاح لا يفسد بفساد الصداق، ينص على هذين القولين.
ولو زوّج ابنته بأقل من مهر المثل، ففي انعقاد النكاح قولان: أحدهما - لا ينعقد.
والثاني - ينعقد بمهر المثل، وتوجيه القول في الإفساد مأخوذ مما ذكرناه، وهو أن الرجل لم يرض بأن يُلزِمَ النكاح بأكثر مما ذُكر، ْ وقد سبق تقرير هذا.
وهذا الذي نبهنا عليه من شرائف الكلام، ولست أذكر أمثال هذا تصلّفاً (١) ولكني أقصد أن يكون للمنتهي إليه فضل تأمل.
٨٤٥٠ - ثم إذا أصدق الرجل امرأة ابنه لا من مال نفسه، فلا يخلو، إما أن يصدقها من عين مال الطفل، وإما أن يصدقها ديناً، فإن كان عيناً مَلَكتها (٢) والكلام في كونه على قدر مهر المثل أو أكثر منه، وقد سبق ذلك.
وإن ذكر في قبول النكاح لطفله دَيناً مطلقا، فالمنصوص عليه في الجديد: أن المهر لا يثبت في ذمة الأب، والمال على الابن، نعم، إن كان للابن مال، فالابن مطالب بتأديته من ماله. وقال في القديم: يكون الأب ضامناً للمهر شرعاً، وقد ذكرت القولين وتوجيهَهما.
وكذلك لو أذن المولى لعبده في النكاح، فالقول الجديد: أن ذمة السيد خلية عن المهر، والمهر والنفقة يتعلقان بكسب العبد، وقال في القديم: يصير السيد ضامناً،
(١) في الأصل: " ـ صـ ـا " هكذا بدون أي نقط. والمثبت تصرف منا على ضوء عبارات الإمام في مثل هذه المسائل.
(٢) في الأصل: ملكها.