ولو نَصب الوكيلَ في التزويج، ولم يَذكر له مقداراً من المهر، فلو زوّج بدون مهر المثل، أو (١) زوّج مع نفي المهر؛ فقد ذكر بعض الأصحاب قولين في انعقاد النكاح، وهذا بعيد، والوجه: القطع بأن النكاح لا يصح؛ فإن تصرّف الوكيل مما يتقيد بموجب الاذن، فكذلك يتقيد بالعرف المقترن بالإذن، ومقتضى العرف رعاية الغبطة، ولهذا قلنا: الوكيل بالبيع مطلقاً إذا باع بغبن، لم يصح بيعه.
ومما يتصل بهذا المقام: أنا إذا كنا لا نصحح من الوكيل المطلق التزويجَ بأقلَّ من مهر المثل، فلو زوج مطلقاً؛ فعلى ماذا يُحمل الإطلاق؟ هذا فيه تردد ظاهر، يجوز أن يقال: هو محمول على تعرية النكاح، حتى لا يصح من الوكيل العقد، ويظهر جداً أن يُحمل على ثبوت مهر المثل؛ فإن الشرع يقتضي إثبات المهر إذا لم يجرِ تصريح بالنفي، فيكون إطلاق النكاح بمثابة ذكر مهر المثل.
ويخرّج على هذا التردد أن الوكيل المطلق لو زوج (٢) بخمر، فالرجوع إلى مهر المثل في مثل ذلك، فكيف السبيل؟ والأظهر في هذه الصورة الفساد؛ فإنه أتى بصورة المخالفة، فهذا ما أردنا ذكره في الوكيل.
٨٤٥٧ - فأما الولي إذا زوّج وليته، فلا يخلو؛ إما أن يكون مجبِراً، فزوج بمهر المثل: صح. وإن زوج الصغيرة أو البالغةَ البكرَ بدون مهر المثل، أو نكاحَ تفويضٍ؛ ففي انعقاد النكاح قولان، قدمنا تحقيقهما. فإن قلنا: إنه ينعقد، فيثبت مهر المثل، أجمع الأصحاب عليه. ولم يَصر أحدٌ إلى انعقاد النكاح بالمقدار (٣) الذي سمّاه.
وقال أبو حنيفة (٤): ينعقد النكاح بذلك المقدار.
فأما إذا كان الولي مزوِّجاً بالإذن، فإن سمّت المرأة مقداراً، فزوّج الوليّ بدونه، فهو كالوكيل؛ فإن تزويجه؛ موقوف على الإذن، فإذا ظهرت المخالَفَةُ، كان كما لو زوّجها بغير إذن.
(١) في الأصل: وزوّج.
(٢) في الأصل: متزوّج.
(٣) في الأصل: إلى انعقاد (المقدار بالنكاح) الذي سماه.
(٤) ر. مختصر اختلاف العلماء: ٢/ ٢٥٩ مسألة رقم: ٧٢٧.