المهر، والدليل على الفرق: أن مجرد إذن الراهن -على أحد القولين- يتضمن سقوط المهر من غير تعرض لإسقاط المهر، ولو عقد النكاح خالياً عن المهر ذاكراً، لثبت المهر إذا لم يتعرض لنفي المهر، كما قدمنا ذلك في تصوير التفويض، فقد اجتمع -مما حُكي عنه ومما رأيته- كلامٌ مختلط، وأنا أحصّله وآتي به مضبوطاً.
فأقول:
٨٤٦٠ - إذا جرى التفويض على الصحة -والتفريع على أنها لا تستحق بنفس العقد
مهراً- فالمذهب المشهور: أنها إذا وطئها زوجها، ثبت مهر مثلها بالمسيس، سواء
سَلَّطت بعد التفويض على الوطء من غير مهر، أو تمادت على ما سبق، ولم تُجدِّد تسليطاً، وذكر القاضي تخريجاً، وفيه وجهان: أحدهما - أن المهر لا يجب بالوطء وإن لم تجدد تسليطاً، بناء على ما تقدم من التفويض.
والوجه الثاني - أنها إن لم تجدد تسليطاً حتى مسّها الزوج، وجب لها مهر المثل، ولا تخريج. وإن جدّدت تسليطاً وقيّدته بنفي المهر، فإذ ذاك يخرّج وجهٌ في سقوط المهر.
ووجه الأول في (١) تنزيل التخريج بيّن، لا حاجة فيه إلى تكلف إيضاح. ووجه الوجه الثاني - أن النكاح له تميزٌ عن المسيس، ويتعلق بالمسيس تقرير المهر، فلا يبعد أن يحمل التفويض (٢) حالة العقد على الرضا بسقوط حق العقد، حتى لو طُلِّقت قبل المسيس، لم تستحق نصف مهر في مقابلة العقد، فكان اشتراط تجديد التسليط مع نفي المهر كما (٣) ذكرناه.
ثم إن جرينا على الوجه الثاني في تنزيل تخريجه، فلا شك أنها تملك المطالبة بالفرض قبل الدخول، كما سنذكره، إن شاء الله تعالى.
وإن جرينا في التخريج على أن المهر لا يجب وإن لم تجدد تسليطاً، ففي ملكها
(١) في الأصل: يجيء.
(٢) في الأصل: أن يحمل على التفويض حالة العقد على الرضا.
(٣) في الأصل: بل ذكرناه.