٨٤٦٩ - فإن قلنا: إنها تستحق المهر بالعقد، ففي التفريع على هذا القول بقية البيان.
قال الأئمة: إذا طُلِّقت قبل المسيس؛ لم تستحق من المهر شيئاً، وإن قضينا بأنه وجب بأصل العقد، فهذا هو المذهب، وعليه التعويل. والشاهد له من القرآن قوله تعالى: {وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً} البقرة: ٢٣٧، فخصص استحقاق نصف المهر بأن نفرض، فدلّ مفهومُ الخطاب دلالة ظاهرة على أنها لا تستحق شيئاً من المهر إذا لم يجر فرضٌ.
وكان شيخي يقطع -إذا فرعّ على هذا القول- بأن المرأة تستحق نصف مهر المثل إذا طلقت قبل المسيس، قياساً على ما إذا أصدقها زوجها خمراً أو خنزيراً أو مجهولاً. وهذا غير معتد به.
وسرّ مذهب الأصحاب يتبين بذكر مرتبتين: فنقول: إن اشتمل النكاح على مهر مسمَّى، ثم فُرض الطلاق قبل الدخول، فالشرع قابَل العقدَ بنصف المهر، وليست هذه المقابلة على نهاية التأكد، والدليل عليه: أنه قد يفرض سقوط جميع المسمى بجريان فسخ قبل المسيس. والمختار: أنه لا يسقط المسمى بجريان الفسوخ بعد المسيس؛ لما كان المهر على نهاية التقرر، فهذه مرتبة.
فإذا رضيت المرأة بتعرية النكاح عن المهر، فالمهر ضعيف، وإن حكمنا بأنه يثبت بالعقد، فتكون جملة المهر في هذه المنزلة بمثابة شطر المسمى إذا جرت تسمية. فإن حكمنا بسقوط جميع المهر في حقِّ المفوضة، فليس حكمنا منافياً للقضاء بوجوب المهر بأصل العقد.
فهذا بيان مسلك الأصحاب، وهو الحق الذي لا مراء فيه.
ثم ينبني على ذلك أمر الفرض والمطالبة، أما على طريق الإمام والدي (١) (٢)
(١) الإمام والدي: هذه هي المرة الثانية للآن التي عبر فيها عن والده بهذه الصورة، بدلاً من شيخي، وأبو محمد، والشيخ الوالد. ونادراً جداً (الإمام) فقط.
(٢) ما بين المعقفين بياضٌ في الأصل قدر أربع كلمات. والسياقُ مستقيم بدونه.