فأما إذا كانت رشيدة، فهل يقبض الأب مهرها؟ فيه طريقان: من أصحابنا من
قال: في المسألة قولان: أحدهما - أنه يقبض مهرها، كما يجبرها على النكاح؛
فعلى هذا يكون الصداق مستثنًى عن سائر أموالها، لمكان اتصاله له بما هي مجبرة
فيه.
والقول الثاني وهو الأصح - أنه لا يقبض مهرها لما أظهرناه من أن هذا تصرفٌ في المال، والأب لا يلي مال الرشيدة البالغة. وهذان القولان بناهما المحققون على القولين في أن الأب هل يملك الإبراء عن صداق البكر البالغة؟ وفيه اختلاف سيأتي مرتباً في بابٍ، بعد هذا -إن شاء الله عز وجل-، فهذه طريقة.
ومن أصحابنا من قال: لا يملك قبض صداقها وجهاً واحداً من غير إذنها، كما لو كانت ثيّباً، وهذا هو القياس. ثم إن قلنا: لا بد من إذنها، فلا يكفي العرْضُ عليها مع سكوتها، ولا اكتفاء بصُماتها، وإن قلنا: قد يكتفى بصمات البكر إذا كان زوّجها من لا يجبرها، كالأخ وغيره.
فصل
يجمع قواعدَ في تداعي الزوجين، واختلافهما، وعلى الناظر صرفُ الاهتمام إلى دَرْكه.
٨٤٩٦ - فنقول: أولاً، إذا أحضرتْ رجلاً مجلس الحكم، وادعت عليه ألف درهم من جهة الصداق، فالقول قوله؛ فيحلف لا يلزمه تسليمه إليها، فإذا لم تعلّق المرأة دعواها قصداً على الزوجية، وإنما تعرضت للصداق، فليس على الزوج التعرض للزوجية، ويقع الاكتفاء منه بنفي ما ادعته من المال. ولا (١) يعرضُ القاضي للسؤال على الزوجية من غير أن تطلب المرأة ذلك، فهذا فضول منه، وللزوج ألا يجيبه (٢).
(١) في الأصل: " ويعرض القاضي " وهو عكس السياق. وصدقتنا (صفوة المذهب).
(٢) في الأصل: يجيبها.