ذكرناه، ولا ينتهي الأمر إلى التحريم عند كثير من أصحابنا.
وكان شيخي يُلحق هذا بالمحظورات، ويُلزم الخروج من البيت، والأصح الاقتصار على الكراهية.
فصل
وقال في نثر السكر واللوز والجوز في العرس: " لو تُرك، كان أحبَّ إليَّ ... إلى آخره" (١).
٨٥٦٢ - أراد الشافعي كراهةَ الالتقاط؛ لأنه أُخذ بخُلسةٍ ونُهبة، وفيه خروج عن المروءة، وربما يخطِر للناثر أن يُؤْثر بعض الملتقطين. ولا يبعد أن يحمل ما ذكره الأصحاب على النثر أيضاً؛ فإنه سببُ الحَمل على الالتقاط. وعندي أن الأمر في ذلك لا ينتهي إلى الكراهة.
ومن لم يكن ذا حظ من الأصول قد لا يفصل بين نفي الاستحباب وإثبات الكراهية، وليس كذلك، ولفظ الشافعي مشعر بالتهيب (٢) وحط الأمر عن رتبة الكراهية؛ فإنه قال: " لو تُرك كان أحبَّ إليّ ". ثم قد ينتهي الأمر في هذا إلى الإباحة إذا كان الناثر لا يؤثر أحداً، وكان المتطلعون عنده بمثابةٍ.
وقد روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حضر إملاكاً فقال: أين أطباقكم، فأُتي بأطباق عليها جوز ولوز وتمر فنُثرت. قال جابر بن عبد الله راوي الحديث: فقبضنا أيدينا، فقال صلى الله عليه وسلم: " ما لكم لا تأخذون. قلنا: لأنك نهيتنا عن النُّهبى، فقال: إنما نهيتكم عن نهبى العساكر، خذوا على اسم الله، فجاذَبَنا وجاذبناه" (٣). فثبت الأصل بالخبر الصحيح.
(١) ر. المختصر:٤/ ٤٠.
(٢) كذا قرأناها على ضوء حروفها التي تداخلت بعضها في بعض، فصارت تقرأ: "بالتحفيذ" أيضاًً.
(٣) الحديث عن النثر رواه البيهقي عن معاذ بن جبل، وقال عنه الحافظ: " في إسناده ضعف وانقطاع. ورواه الطبراني في الأوسط من حديث عائشة عن معاذ نحوه، وأورده ابن الجوزي =