تُفضي إلى اللزوم إلا في النكاح، فإنا قد نختار أن المعقود عليه في النكاح ليس مملوكاً وإنما هو مستباح مستحق (١).
ومن قال لا بد من لفظٍ في إباحة الطعام يشترط من الناثر لفظاً أيضاً. ثم لا يشترط تمليكاً وإيجاباً وقبولاً، بل يكتفي بأن يقول: خذوا، أو بأي لفظ في معناه.
٨٥٦٥ - ومما يتعلق بما نحن فيه أنَّا إذا رأينا إجابةَ الداعي حتماً، فلو دُعي جمعٌ فأجاب بعضهم، هل تسقط الفرضية عمّن لم يجب سقوطَ فرض الكفاية في مثل هذه الصورة؟ ذكر العراقيون وجهين: أحدهما - أنه يُنحَى بذلك نحو فروض الكفايات، وأقرب الأمثلة إلينا ردُّ جواب السلام على جمعٍ؛ فإنه إذا أجابه واحد منهم، سقط فرض الجواب عن الباقين.
وعندي أن ما ذكروه فيه إذا وُجِّهت دعوةٌ على جمع ولم يُخَصَّص كلُّ واحد منهم بالتنقير (٢)، فإن خصص كل واحد بالدعوة -والتفريع على وجوب الإجابة- فلا يسقط الفرض أصلاً عن البعض بحضور البعض، وعلى هذا القياسُ يجري في السلام لو خُصِّصَ (٣) كلُّ واحد بتسليمة.
ولو حضر الدعوة، ولم يكن عذر يمنعه من الأكل، وكان يشق على المُضيف امتناعه؛ فقد ذكر العراقيون وجهين في وجوب الأكل بناءً على وجوب الإجابة. وهذا بعيد إن قيل به، فيكفي ما ينطبق عليه الاسم في التعاطي.
فإن لم تكن دعوة، (٤) فالأكل والتطفل حرام، وفي الحديث: " من دخل دار
(١) هذه القاعدة "ليس في الشرع إباحة تفضي إلى اللزوم إلا في النكاح، وأن المعقود عليه في النكاح ليس مملوكاً، وإنما هو مستباح، فيستحق" ذكرها ابن السبكي في الأشباه والنظائر: ١/ ٣٦٩. ناقلاً إياها عن إمام الحرمين في النهاية وبنصها.
(٢) في الأصل: التنويش. ولم أعرف لها وجهاً، مع تقليبها على كل صورة ممكنة من حروفها، بل لم نجد لها معنى في معاجم المعرب والدخيل. فقدّرنا أنها محرّفة عن (التنقير): والتنقير هو دعوة الرجل باسمه: مأخوذ من قول القائل: نقَّرْتُ باسم فلان إذا دعوته من بين القوم (المصباح والمعجم).
(٣) في الأصل: واخصص.
(٤) زيادة لا يستقيم الكلام بدونها.