وأفقه؛ فإنَّ حقيقة القَسْم لا تؤول إلى حقٍّ مستحق يوفّى ويستأدى (١)؛ ولهذا قُلنا: لو أعرض الزوج عن جميعهن، فلا طَلِبة عليه، لكنه إذا بات عند واحدة، لزمه أن يبيت عند الباقيات، فالغالب على القَسْم اجتناب ما يتداخلُهن من الغضاضة والأنفة بالتخصيص، فإذا سمحت واحدة بإسقاط حقها، فلا يتحقق من الزوج قصد التخصيص ما لم يبلغه خبرُ رجوعها، وكل ما ذكرناه فيه (٢) إذا وهبت وعيّنت (٣).
٨٦١٨ - فأما إذا أطلقت الهبة ولم تخصص بها ضرة، ولم تُضفها إلى مشيئة الزوج، فإذا رضي الزوج بهذا، كان حكم هبتها أن تخرج من حساب النُّوب، وتنزل -إذا وهبت- منزلتَها لو بانت (٤).
فإذا كُنَّ أربعاً فوهبت واحدة نوبتها على الصيغة التي ذكرناها، وكان الزوج يقسم بينهن ليلة ليلة، أو كما يريد، فترجع فائدة هبتها إلى سقوط مزاحمتها وسرعة العود إلى كل واحدة.
٨٦١٩ - فأما الصيغة الثالثة في الهبة وهي: إذا قالت (٥) للزوج: وهبت نوبتي منك، فضعها حيث تشاء، وخَصِّصْ بها من تشاء، فهذا مما اختلف فيه جواب الأئمة. فالذي قطع به شيخي واشتمل عليه تعليقه: أنَّ الهبة تقع على هذا النسق، فالزوج بالخيار، فإن شاء فض (٦) نوبتها عليهن، كما لو أطلقت الهبة، وإن شاء خصص واحدة منهن. ووجه ذلك أن صاحبة الحق وهبت ذلك.
وقطع الصيدلاني جوابه نقلاً عن القفال بأنَّ الزوج لا يخصص واحدة منهن، والهبة المنوطة بمشيئته بمثابة الهبة المطلقةِ أو المضافةِ إليهن.
وهذا الذي ذكره فقيهٌ حَسن؛ وذلك لأنها إذا أسقطت حقها، فالزوج لا يستفيد
(١) ويستأدى: أي يطلب أداؤه.
(٢) في الأصل: فيه أن إذا وهبت.
(٣) في الأصل: عتقت.
(٤) أي تصير كما لو طلّقت.
(٥) في الأصل: قال.
(٦) فضّ: قَسَم.