والذي عندي أن المرض الذي أطلقوه لا بد فيه من ضبط أيضاًًً، فلا يجوز الخروج بكل ما يسمى مرضاً، ولعل الضبط في ذلك أن يكون المرض بحيث يجوز أن يقدّر مخوفاً، ودخوله عليها ليتبين، حتى يكون مبيته على فراغ (١).
وكل ما ذكرناه في الليل، وفيه بقية، ينعطف عليها (٢) كلامنا في النهار.
٨٦٢٥ - فنقول: لا يتحتم على الرجل أن يلازم زوجته في نوبتها نهاراً؛ فإنَّا لو ألزمناه ذلك، لانقطع عن مكاسبه، فله أن ينتشر في بياض نهاره كما أشعر نصُّ القرآن بذلك، فقال عز من قائل: {وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} القصص: ٧٣. فرجع قوله {لِتَسْكُنُوا فِيهِ} إلى الليل، وقوله: {وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ} إلى النهار.
٨٦٢٦ - ثم يتعلق بالنهار نوعان من الكلام: أحدهما - أن الزوج لو كان يخرج في نهارِ واحدةٍ وينتشر، وكان يلازم الأخرى في نهارها، فكيف الكلام فيه؟
فإن كان هذا عن اتفاق شغل، فلا مضايقة، وإن كان عن قصد، فهذا محتمل (٣): ما يدل عليه ظاهر كلام الأئمة أن ذلك غير ممتنع، وفيه احتمال ظاهر مأخوذ من كلامهم أيضاًًً، ووجه الاحتمال أن مدار القَسْم على ترك التخصيص واجتناب إظهار الميل، وهذا إذا تكرر في النهار ميلٌ ظاهر، إذا لم يكن شغلٌ محمول على الوفاق، ووجه الجواز حسم الباب عن الرجال، إذا أرادوا الانتشار بها (٤).
وهذا فصل.
والثاني - دخوله على التي ليست النوبة لها. أجمع الأصحاب على أنه لا يجوز له أن يدخل في نوبة واحدة على الأخرى ويجامعَها، هذا لا سبيل إليه؛ فإنه منتهى
(١) حتى يكون مبيته على فراغ: أي يكون مبيته عند غير المريضة على فراغ بالٍ واطمئنان.
(٢) في الأصل: عليه.
(٣) فهذا محتمل: أي غير مقطوعٍ بحكمه، كما سيأتي بيانه، متصلاً به.
(٤) كذا. بنفس هذا الرسم. انظر صورتها. ولعل في الكلام سقطاً، أوْ له وجهاً لم نهتد إليه.
والله المستعان.