والإضرارُ بهذه الجهة بالتي يقع التخلف عنها، وهذان المعنيان مفقودان من المجانين.
وهذا لا بأس به، وإن لم أرَه إلا في هذا التصنيف ومؤلفه مجهول (١) عثورٌ (٢) في المذهب.
وعندي وراء ذلك نظر، وهو أن مخاطبة الولي بأنْ يطوف به عليهن لا وجه لها؛ فإنَّ الزوج العاقل لو أراد التخلف عنهن، فلا مطالبة عليه، وإنما يُطَالَبُ الوليُّ بما يُطَالَبُ به الزوجُ لو لم يكن مَوْلياً عليه (٣).
ولو أدخل الوليُّ واحدةً على الزوج، فهل يجب عليه أن يُثبت لكل واحدة مثلَ هذا؟ هذا محل النظر، فالذي ذكره معظم الأصحاب: أنه يجب؛ تنزيلاً للولي منزلة الزوج. والذي ذكر في هذا التصنيف أن ذلك لا يجب على الولي؛ فإنَّ عماد القَسْم ما ذكرناه من اجتناب إدخال المغايظ على المحرومات بتمخصيص المخصَّصات، وهذا إنما يُفزع قلوبَهن من جهة الزوج، فأما الولي، فلا يتعلق بفعله هذا.
وما ذكره الأصحاب أظهرُ؛ طرداً للقياس الذي مهدناه من أن الولي مُخاطبٌ في المجنون بما يُخاطب به الزوجُ لو كان عاقلاً. ونحن وإن راعينا ترك الإضرار واجتناب المغايظ، فلسنا ننكر كونَ القسم حقاًً مطلوباً.
وبقي في المسألة نظر في أنهن لو جِئْنَ وقُلنَ: للزوج أن يتخلف عنا بجملتنا لو كان عاقلاً، بناءً على الاختيار والإيثار، ونحن في أثناء ذلك نرجو عودَه إلى القَسْم، وإذا
(١) مجهول: أخشى أن تكون (جهول). فبعض المصنفين الذي يقصده الإمام ليس مجهولاً! وقد صرّح النووي بأن صاحب هذا الوجه هو الفوراني. (الروضة: ٧/ ٣٤٧). وغفر الله لإمامنا إمام الحرمين، فليس أبو القاسم الفوراني جهولاً، ولا مجهولاً، ولكنه "استيلاء النقص على البشر".
(٢) عَثور: أي كثير العثرات. وقد أشرنا أنه يقصد بقوله: "بعض المصنفين" أبا القاسم الفوراني، وأنه كثير الحطّ عليه. ولكن لم يبلغ ذلك إلى الوصف بأنه (مجهول عثور) إلا هذه المرة. ومع ذلك يُظهر إعجابه بقوله، ويثبته في كتابه. ويا للعجب كيف يصنع الغضب حتى بالكبار!!
(٣) في الأصل: عنه.