الاستدارة في معنى الترادّ، والتدافع يزيد على الركود.
فهذه جمل لا يشذ عنها مقصود، لم نؤثر بسطَها أكثر من ذلك.
فرع:
٣٧٣ - ماءٌ نجسٌ في كوزٍ غُمس في ماءٍ كثير، فإن كان ضيق الرأس، فاتصال الماء الكثير برأس ذلك الكوز لا يؤثر فيما في الكوز.
هكذا ذكره الأئمة؛ فإن مجرد الاتّصال لا يُعنى لعينه، وإنما الغرض انبثاث الماء النجس في الماء الكثير، حتى تصير النجاسة مستهلكةً مندرسة الأثر، وهذا لا يتحقق في الصورة التي ذكرناها.
ولو كان الكوز واسع الرأس، فعندي أن الغمسة الواحدة لا تُزيل حكمَ النجاسة منها.
ومن أراد في ذلك معتبراً، فيقال له: لو كان ماء الكوز متغيراً بزعفران، وقُلب في الماء الكثير، فيزول أثر التغير بالكلية، ولو غُمس الكوز الذي فيه الماء المتغير في ماء كثير لم يزل التغير منه على الفور. نعم، قد يزول التغير إذا تمادى الزمان، فنلتزم بحسب ما ذكرناه أن نحكم بطهارة ماء الكوز، إذا مضى من الزمان ما يزول في مثله تغيّر الماء الذي فرضنا.
٣٧٤ - وكان شيخي يقول: إذا كان الكوز واسع الرأس، وفيه ماء نجس غير متغير، فغمس في ماء كثير، نحكم بأن الماء الذي فيه يطهر.
وهذا لا أعدّه مذهباً.
٣٧٥ - ولو فرضنا قُلَّتين، في حفرتين، وبينهما نهر صغير غير عميق، وفيه ماءٌ يتّصل أحد طرفيه بإحدى الحفرتين والثاني بالأخرى، فإذا وقعت نجاسة في إحدى الحفرتين، فلست أرى الماء في الحفرة الأخرى دافعاً تلك النجاسة، بحكم الكثرة؛ فإنه ليس بينهما ترادّ وتدافع، وتخلل ذلك النهر الصغير لا يوصل قوة أحد الماءين إلى الأخرى. وليعتبر ذلك بما قدرناه من التغيّر بالزعفران وغيره.
فهذا غاية ما عقدنا (١) في ذلك.
(١) في (ل): عندنا.