والتفريع على النص، وقال الزوج في جوابها: طلقتك اثنتين الثانية منهما (١) بألف، فلا يستحق من العوض شيئاً؛ فإنه عرَّى الطلقة الأولى عن العوض، وكان لا يملك غيرها. وقد أتى بذكر الطلقتين أولاً على صيغةٍ تقتضي الجمع، ثم جاء بها تقتضي الترتيب؛ إذ ذَكرَ الثانية، ومن ضرورة الثانية أولى، وهذا لائح، فإن قال في جوابها: أنت طالق اثنتين الأولى منهما بألفٍ، استحق تمام الألف، ولغا تقدير الطلقة الثانية.
وكل ذلك يخرّج على أنا لا نرعى العدد مع تحصيل الحرمة الكبرى.
ولو سألت طلقتين، وهو لا يملك إلا واحدة، فقال في جوابها: أنت طالق طلقتين، ولم يتعرض لذكر المال وتقديرهِ المقابلةَ، ولما راجعناه، قال: لم يكن لي نية تقدير مقابلة، ولكني زدتُ على ما أملك لفظاً، فكيف السبيل فيه؟ نقول أولاً: لو نوى صرفَ الألف إلى الأولى (٢) استحق تمام العوض، أما (٣) لو لفظ أو نوى صرف الألف إلى الثانية -كما صورناه أولاً- لم يستحق شيئاً.
وإذا قال: لم يكن لي نية، فقد ذكر الشيخ وجهين: أحدهما - أنه لا يستحق شيئاً؛ فإنه يجوز تقدير الأمر على وجهِ لا يستحق شيئاً، ويجوز خلافه، والأصل (٤) براءة الذمة.
والوجه الثاني - وهو اختيار أبي زيد (٥) المروزي أنه يستحق تمام العوض لتحصيل الحرمة الكبرى؛ فإنه لم يأت بما يناقض استحقاقَ العوض. وهذا هو الصحيح.
والذي يقتضيه كلام الشيخ أنه لو قال: نويت مقابلة الثانية بالعوض لا يستحق.
وهذا فيه نظر عندي، فإنه إذا لم يتلفظ بهذا، ولفظه للجمع، فلا يختلف مقتضاه الصريح بنية باطلة.
(١) في الأصل: الثالثة منها.
(٢) زيادة من المحقق، لا يستقيم الكلام بدونها.
(٣) فىِ الأصل: كما.
(٤) في الأصل: والوجه.
(٥) مكان كلمة غير مقروءة في نسخة الأصل. وأبو زيد المروزي غير أبي إسحاق المروزي الذي سبق مذهبه آنفاً.