ومن يجري على ظاهر المذهب (١) يقول: أما حديث خزيمة، فظنٌ منه، والظن يخطىء ويصيب، وأما حديث ابن عمارة، فتأويله عسر، وقد قيل: " لم يُرد رسول الله صلى الله عليه وسلم امتدادَ مدّةِ مسحِ واحد "، وهو كقوله عليه السلام " التراب كافيك، ولو لم تجد الماء عشر حجج ". والوجه عندي المعارضة بنصوص التأقيت، ثم الأصل غسل القدمين، فلا تثبت رخصةُ المسح إلا بثَبَتٍ.
٣٩٨ - ثم ابتداء المدّة لا يحتسب من وقت لُبس الخف وفاقاً، ومذهبنا أنه يحتسب من أول حدث يقع بعد لُبس الخفين.
ويؤثر عن أحمدَ بنِ حنبل أنه قال: يحسب ابتداء المدة من أول مسحٍ (٢).
وهذا غير سديد، ونفش مذهبنا إذا ذُكر أغنى عن ذكر دليل عليه، فلا يدخل وقت المسح واللابس على الطهارة الكاملة، فإذا أحدث، حان وقتُ المسح، فكان ذلك ابتداءَ وقت المسح.
٣٩٩ - ثم مما يتعلق بأثر المدة أن من لبس الخفَّ مقيماً، ثم سافر، أو لبس مسافراً، ثم أقام، فيختلف أثر المدة.
فنذكرُ المقيم يسافر، فمذهبنا أنه إن أحدث في الإقامة، ودخل وقتُ المسح، ولم يمسح عليه، حتى فارق البلد مسافراً سفراً طويلاً، فإنه عند الشافعي يمسح مسح المسافرين، وابتداء المدة من وقت الحدث الذي جرى في الإقامة. وإن ابتدأَ المسحَ في الإقامة مسحَ مَسْحَ المقيمين. والمزني يقول: إذا أحدث مقيماً، مسح مَسْح المقيمين. وقال أبو حنيفة: إذا سافر قبل انقضاء المدة مسح مَسْح المسافرين (٣).
فرع:
٤٠٠ - إذا أحدث مقيماً، ودخل عليه وقت الصلاة، فلم يمسح حتى انقضى وقت الصلاة وهو مقيم، ثم سافر، ففي المسألة وجهان: أصحهما - أنه يمسح مَسْح
(١) في هامش الأصل: أي مذهب الشافعي رضي الله عنه.
(٢) هذه إحدى الروايتين عن أحمد، والأخرى -وهي المذهب عند الحنابلة- موافقةٌ لمذهبنا. ر. الإنصاف للمرداوي: ١/ ١٧٧، المغني: ١/ ٣٢٧، المبدع: ١/ ١٤٢.
(٣) ر. مختصر الطحاوي: ٢١، البحر الرائق: ١/ ١٨٨، حاشية ابن عابدين: ١/ ١٨٥.