ولو أنشأ الزوج الطلاق في الوقت المعيّن، وقصد أن يكون ذلك ابتداءَ إيقاعٍ منه، من غير تقدير وفاء بملتزَم، فيقع الطلاق رجعياًً.
وإذا قالت المرأة لزوجها: طلقني واحدة بألف، فقال: " أنت طالق "، على الاتصال، وقصد ابتداءَ الطلاق، لا إيقاعَه جواباً، فالطلاق يقع رجعياً، ولكن بينه وبين الله تعالى، ولا يصدّق في دعواه الانفرادَ والاستبدادَ مع اتصال لفظه بلفظها.
وإذا انفصل الطلاق ووقع في الوقت المستدعى في المسألة التي نحن فيها، ثم زعم أنه قصد ابتداءً، فالظاهر عندنا أنه يُصدّق ظاهراً، وتنفصل هذه المسألة عن الجواب المتصل في الأمر الظاهر.
ولو قال: قصدتُ جوابها وإسعافَها، ولكن علمت فساد العوض، فالذي قطع به الأصحاب أن الطلاق مُبينٌ، فيثبت الرجوع إلى مهر المثل، كما قدمناه لا يتغير الحكم بعلمه بالفساد وجهله به؛ فإن المسلمَ يعلم تسميةَ الخمر فاسدة (١)، وإذا سماها، ثبتت المالية في الخلع، وسبب هذا أن المالية تثبت بقصد المالية، والعلم بالفساد لا ينافي قصد المالية، وكيف ينافيه والشرع قاضٍ بالمالية.
وفيما نقل عن القاضي أنه إذا علم الفساد، لم يستحق، وكان الطلاق رجعياً في محل الرجعة. وهذا كلام رث لا حاصل له. والممكن في توجيهه أن الطلاق إذا انفصل عن استدعائها، ضعف عن اقتضاء المال، ورجع إلى عنصره (٢) ووجب حمله على إطلاقه.
وهذا إنما كان يستقيم لو كان يبغي البدل، مع ظن الصحة مصيراً إلى أن الطلاق إذا انفصل، فلا محمل له إلا الابتداء، فإذا لم يقل هذا، فلا رجوع إلا إلى الفرق بين العلم (٣) بالفساد والجهل به.
(١) ما بين المعقفين مكان عبارة الأصل المضطربة، التي جاءت هكذا: "لا يتغير الحكم بعلمه بالفساد وجهله بضمان المشلة يعلم تسمية الخمر فاسدة ... إلخ " والحمد لله صدّقَنا (صفوة المذهب).
(٢) إلى عنصره: أي إلى أصله.
(٣) في الأصل: العمل.