كان منسوجاً بحيث لو صب الماء عليه نفذ إلى القدم، ففي جواز المسح عليه خلاف.
من أئمتنا من جوز المسح، وهو القياس، ومنهم من منع. وفي كلام الصيدلاني إشارة إليه، ووجهه أن الذي وقع المسح عليه يجب أن يكون حائلاً حاجزاً بين الماء والقدم، فإذا لم يكن كذلك، وكان الماء ينفذ إلى الرجل، فكأنه ليس حائلاً.
وهذا بعيد.
وقد نصّ علماؤنا على أنه إذا انثقبت ظهارة الخف، ولم تنثقب البطانة بإزاء تلك الثُّقْبة، ولكن انثقبت البطانة من موضع آخر، وانفتقت الظهارة عن البطانة، وكان القدم لا تبدو، ولكن لو صُبّ الماء في ثقبة الظهارة، لجرت إلى ثقبة البطانة، ووصلت إلى القدم، فيجوز المسح والحالة هذه؛ فإذاً لا أثر لنفوذ الماء، ثم الماء في المسح لا ينفذ إلى القدم، وغسل الخف ليس مأموراً به.
فرع:
٤١٣ - قال الصيدلاني: إذا اتخذ ملبوساً قويّاً من جوهرٍ شفاف يتراءى ما وراءه لصفائه، لا لخلل فيه، فيجوز المسح عليه، وستر العورة في ذلك ينفصل عن ستر القدم؛ فإن المصلي لو استتر بشيء تتراءى منه عورته لصفائِه، أو وقف في ماء صافٍ، لم يكن ساتراً للعورة. والمرعي من الستر في الخف حائلٌ قوي بين يد الماسح وبين القدم، وفي نفوذ الماء من التفصيل ما ذكرناه.
فصل
٤١٤ - إذا لبس الرجل خفاً، ولبس فوقه جُرمُوقاً (١)، ثم أراد المسح على الجرموق، فإن كان الجرموق ضعيفاً: بحيث لا يتأتى التردّدُ فيه، فلا يجوز المسح على الجرموق. ولو كان الجرموق قويّاً، والخف تحته ضعيفاً، فيجوز المسح على الجرموقين؛ فإنهما بمثابة الخفين، والخف بمثابة الجورب واللفافة.
وإن كان الخف والجرموق قويين: بحيث يجوز المسح على كل واحد منهما لو انفرد، ففي جواز المسح على الجرموقين -والحالة هذه- قولان: أحدهما -وهو
(١) الجرموق: كعصفور خفٌّ قصير يلبس فوق خف (القاموس والمعجم).