قد ذكرنا تعليق الطلاق بالحمل قبلُ، وهذا تعليق الطلاق بعدم الحمل، وذكرنا فيه إذا علق الطلاق بالحمل قولين في تحريم الوطء، والأصل عدم الحمل، فإذا علق الطلاق بالحيال، فالتحريم أغلب هاهنا؛ من جهة أن الأصل عدم الحمل، والطلاق يقع بعدم الحمل.
٨٩٦٦ - والذي تحصّل من مسلك الأصحاب في المسألتين طريقان: أحدهما - أنه إذا قال: إن لم تكوني حاملاً، فأنت طالق، يحرم الوطء في الحال قولاً واحداً. وإذا قال: إن كنت حاملاً، فأنت طالق؟ فهل يحرم الوطء في الحال؟ فعلى قولين.
والطريقة الأخرى عكس هذه، فإذا قال: إن كنت حاملاً فأنت طالق، فمن أصحابنا من قال: لا يحرم الوطء، بل نكرهه قولاً واحداً؛ فإن الأصل عدم الحمل.
وإذا قال: إن لم تكوني حاملاً فأنت طالق، فهل يحرم الوطء أم يكره؟ فعلى قولين.
فإذا جمع الجامع الطريقين، فحاصل القول في المسألتين ثلاثة أقوال: أحدها - التحريم فيهما.
والثاني - الكراهية فيهما، مع رفع التحريم.
والثالث - أن الوطء يحرم إذا كان الطلاق معلقاً بعدم الحمل، ولا يحرم إذا كان معلقاً بالحمل.
ثم إذا بان الكلام في التحريم، وجرينا على أن الوطء يحرم فيه إذا قال: إن لم تكوني حاملاً فأنت طالق، فإذا انكف عنها، فمضى بها قرء أو قرءان على انتظام الأقراء، ولم يظهر بها حمل، قال صاحب التقريب والقاضي: نحكم بوقوع الطلاق وتبيّنا حِيالَها حالة عقد (١) اليمين، ثم تكون الأقراء بعد عقد اليمين عدتَها، فلها أن تنكح.
وإذا جعلنا الاستبراء في هذه المحال بقرء واحد، حكمنا بوقوع الطلاق إذا مضى قرء، واحتسبنا هذا القرء من عدتها، وأمرناها باستقبال قرأين آخرين بَعْده، ويتم انقضاء العدة، فالذي ذكره المحققون أنا نحكم بوقوع الطلاق عند مضي ثلاثة أقراء تبيّناً وإسناداً
(١) مزيدة من (ت ٦).