تتطرّق إلى البابين جميعاً، ومعنى الكناية لفظٌ محتمل مشعرٌ كما قدمناه، وجملة كنايات الطلاق والعتاق مشتركة في البابين.
٨٩٨٦ - والذي يستثنى من الإشعار أن الرجل إذا قال لامرأته: "أنت طالق" وزعم أنه نوى ظهاراً، فالطلاق مشعرٌ بمعنى الظهار، وإذا قال لها: أنت عليَّ كظهر أمّي، ونوى بذلك الطلاق، فاللفظ مشعر بمعنى الطلاق، ولا يعمل واحد من اللفظين في مقصود الثاني.
والضابط فيه: أن اللفظ إذا كان صريحاً في بابه، ووجد نفاذاً، فلا سبيل إلى ردّه عن العمل فيما هو صريح فيه، وإذا كان يعمل لا محالة فيما هو صريح فيه، فيستحيل أن يكون صريحاً نافذاً في أصله ووضعه، ويكون كناية منويَّة في وجه آخر.
فإن قيل: إن كان يبعد صرف الصريح عن معناه، فأيُّ بعدٍ في الجمع (١) بين المعنيين؟ قلنا: اللفظة الواحدة إذا كانت تصلح لمعنيين، فصلاحها ليس يقتضي اجتماع المعنيين، وكذلك القول في كل لفظ مشترك سبيل صلاحه للمعاني أن يصلح لكل واحد منهما على البدل، فأما أن تكون مجتمعة اجتماع المسميات تحت صيغة الجمع، أو تحت لفظٍ عام، فلا. فإذا تعين إجراء اللفظ صريحاً، امتنع إجراؤه في معنى آخر، فإذا استعمل الطلاق في العتاق، فليس الطلاق صريحاً واجداً محلّه حتى ينفذ، وكذلك العتاق، إذا استعمل في الطلاق.
٨٩٨٧ - ولو قال لعبده: اعتدَّ واستبرِ رحمك، وزعم أنه نوى العتق، لم ينفذ؛ فإن هذا اللفظ في حكم المستحيل في حقه، وقد ذكرنا أن الكنايات لا بد وأن تكون مشعرةً بالمعنى المقصود.
وإذا قال لامرأته التي لم يدخل بها: اعتدي واستبرئي رحمك، وزعم. أنه نوى الطلاق، فقد اختلف أصحابنا في المسألة: فمنهم من قال: لا يقع الطلاق؛ لأنها إذا لم تكن ممسوسة، فليست من أهل العدّة. والأظهر - وقوع الطلاق؛ فإنها محل العدة على الجملة، إذا توافت شرائطها، والإشعار كافٍ، وهو بيّنٌ.
(١) عبارة الأصل مضطربة: هكذا "فأي بعد في المعنيين الجمع بين المعنيين".