ْولو طلقها زوجُها طلقةً رجعيةً، ثم زعمت المرأة أنه طلقها طلقة أخرى، فإن راجعها، فلها أن تدعي حينئذٍ، وإن أرادت أن تدعي وهي جارية في عدة الرجعة، فظاهر المذهب أن دعواها مسموعة؛ فإن الرجعية زوجة، ومن أصحابنا من قال: لا تسمع دعواها؛ فإنه ليس لها غرض صحيح في الحال؛ إذ الحيلولة ناجزة، والرجعة لا تنقطع بالطلقة الثانية. والأصحُّ الأول.
فصل
قال: "ولو كتب بطلاقها، فلا يكون طلاقاً إلا أن ينويه ... إلى آخره" (١).
٨٩٩١ - نقول في صدر الفصل: الأخرس يقيم إشاراته المُفْهمة مقام عبارات الناطق، فيقع بإشارته طلاقُه وعتاقه، ويصح بيعُه وشراؤه وسائرُ عقوده، وحلوله وردوده، ثم يقع طلاقه بإشارةٍ لها رتبة الصّريح، ويقع بإشارة ونيّة لها رتبة الكناية، وتصح أقاريره ودعاويه، ولا تطويل؛ فإشارة الأخرس كعبارة الناطق.
ولم يختلف أصحابنا إلا في الشهادة، فمنهم من صحح شهادة الأخرس، ومنهم من أباها، ولعله الأصحُّ.
وممّا يتعلق بتحقيق ذلك أن الأخرس إذا أبلغ في الإشارة، فالصّريح منها ما يفهم منها الطلاق، ولا يختص بفهمه أصحاب الفطنة والدرْك، بل يعمّ دركُ المقصود منه، فهذا يُلحق إشارته بالصريح الذي يفهم منه الطلاق على شيوع، فإن ترددت إشارته، وكانت صالحةً للطلاق ولغيره، أو كان يختص بدَرْكه الفطن، فهذا يلحق بالكناية.
وإذا أبلغ الأخرس في الإشارة، ثم زعم أنه لم ينو الطلاق، فالذي يظهر عندي أن هذا يلتحق بالقسم المتوسط بين الصريح والكناية حتى يتردّد فيه، كما لو استعمل اللفظ الشائع في الطلاق، وقال: (٢) قصدت غير الطلاق، وليس كلفظ الطلاق في
(١) ر. المختصر:٤/ ٧٥.
(٢) عبارة الأصل: "حتى يتردّد فيه فتوى قوله قصدت غير الطلاق ... " وهي غير مستقيمة، والمثبت تصرف من المحقق على ضوء ما حكاه -بمعناه عن الإمام- كل من الرافعي والنووي، فعلى سبيل المثال قال الرافعي: "ولو بالغ في الإشارة، ثم ادّعى أنه لم يرد الطلاق، قال =