القبول؟ فإن قلنا: لا حاجة إلى القبول مع المشافهة، فالقول في ذلك كالقول في الكتابة في الطلاق والعتاق. وإن شرطنا القبول في ذلك، التحق بالقسم الذي يفتقر إلى الإيجاب والقبول، وقد ذكرنا حكم الكتابة في هذا القسم.
وهذا نجاز الكلام في حكم الكتابة في هذه الأقسام.
٩٠٠٠ - فأما القول فيما يُكتب عليه، فالكتابة على الرَّق، والقرطاس، والألواح، والنقر في الأحجار والخشب، كلها بمثابة واحدة. ولو خط على الأرض خطوطاً وأفهم، فالجواب كما ذكرناه. وإذا فهم الفاهم ما كتبه (١) وبلّغه (٢)، كان كما لو بلّغ كتابه.
ولو رسم الأسطر على الماء أو على الهواء، فلا حكم لهذه الكتابة؛ فإن الكتابة حقها أن تقع بياناً، ولا انتظام لها على الهواء أو الماء. نعم، لا يمتنع أن يلتحق هذا بالإشارات؛ فإن هذه الحركات قد يُفهم منها شكلُ الحروف، فتتنزل منزلة الإشارات المفهمة.
٩٠٠١ - فأما الكلام في صيغ الكتابة ومقتضياتها، وما يطرأ على الكُتب من التغايير، فهذا خاصية الفصل وينبسط فيه الكلام بعض الانبساط، فإذا كان في الكتاب: "أما بعد فأنت طالق". فإذا وقع الحكم بالكتابة تبيّنا وقوع الطلاق من وقت الكتابة؛ فإنه لم يعلّق الطلاق ببلوغ الكتاب ووصوله، بل نجّزه؛ إذ قال: "أما بعد، فأنت طالق".
وإذا قال: إذا بلغك كتابي، فأنتِ طالق، فلا يقع الطلاق ما لم يبلغها، وإذا قال: إذا قرأتِ كتابي فأنت طالق، فلا يقع الطلاق بنفس البلوغ ما لم تقرأ أو يُقرأ عليها، كما سنفصل هذا في آخر الفصل، إن شاء الله.
(١) في الأصل: فاكتبه.
(٢) وبلّغه: المعنى أن واحداً فهم المكتوب في الكتاب، ثم قام بتبليغه إلى المكتوب إليه، من غير أن يحمل إليه الكتاب، فهو يكون كتسليمه الكتاب.