٩٠٠٣ - وإذا قال: إذا قرأتِ كتابي، فأنت طالق، فلم تقرأ، ولم يُقرأ عليها، لم يقع الطلاق، ولو قال: إذا قرأتِ كتابي، فأنت طالق، فكانت قارئةً، فقرىء عليها، ففي المسألة وجهان: أصحهما - أن الطلاق لا يقع؛ فإنها لم تقرأ. والثاني - يقع؛ لأن هذا يراد به الاطلاع على مضمون الكتاب، لا صورة القراءة. وهذا يحصل بأن يُقرأ عليها، كما يحصل بأن تقرأ بنفسها.
ولم يختلف علماؤنا في أنها لو طالعت الكتاب، وفهمت ما فيه، ولم تلفظ بكلمةٍ، وقع الطلاق وإن لم يوجد قراءة؛ وهذا يؤكّد أن قراءة الكتاب محمولة على الاطلاع على ما فيه.
ولو كانت أُمِّيَّة، فالذي قطع به الأصحاب أن الطلاق يقع إذا قرىء الكتاب عليها؛ فإن القراءة في حقها محمولة على الاطلاع لا غير.
وأبعد بعض من لا احتفال به، فجعل تعليق الطلاق بالقراءة في حق الأمية بمثابة تعليق الطلاق على محال، وهو كما لو قال: إن صعدت السماء، فأنت طالق، فالطلاق لا يقع، لعدم الصعود، وإن كان محالاً.
وإذا قال لامرأته: إذا رأيت الهلال، فأنت طالق، فلم تره، ورأى غيرها، فسنذكر أن الطلاق يقع، وإن كانت الرؤية ممكنة منها، بخلاف ما لو قال: إذا قرأت كتابي وكانت قارئة، فلم تقرأ، وقُرىء عليها، والفرق أن قراءة غيرها ليست قراءتها، والرؤية قد يراد بها العلم، قال الله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ} الفرقان:٤٥ معناه: ألم تعلم ربك، وسيأتي هذا الفرع بما فيه، إن شاء الله.
ومما فرعه صاحب التقريب: أنه إذا قال: إذا بلغك نصف كتابي، فأنت طالق، فبلغها الكتاب كله، فهل نقضي بوقوع الطلاق؟ فعلى وجهين: أحدهما- يقع؛ فإن الكتاب يشتمل على نصفين، ففي بلوغه بلوغ نصفه.
والثاني - لا يقع؛ فإنّ النصف في هذا المقام إنما يُطلق لغرض التبعيض، فإذا لم يتحقق التبعيض، لم تتحقق الصفة.
وقد انتهى ما يتعلق بفصل الكتاب؛ فقهاً، وإيضاحاً لموجب صيغ الألفاظ.