هذا نظم المذهب.
٩٠٠٧ - وسلك القاضي مسلكاً آخر، فقال: نرسم القولين في أن التفويض تمليك أو توكيل، ونقول: الأصح أنه (١) تمليك، وهو المنصوص عليه في معظم الكتب.
والقول الثاني - أنه توكيل، ولا يُرى للشافعي منصوصاً إلا في الأمالي المتفرقة.
فإن حكمنا بأنه تمليك، فالفور لا بد منه.
ثم غلط هاهنا بعض أصحابنا، فقال: يمتد جوابها امتداد المجلس، كخيار المكان، وهذا غلط غير معتدّ به، وإنما غلطُ هذا القائل من قول الشافعي "ولا أعلم خلافاً، أنها إن طلقت نفسها قبل أن يتفرقا من المجلس أو تُحدثَ قطعاً لذلك أن الطلاق يقع عليها" (٢). والشافعي كثيراً ما يطلق المجلس ويريد به مجلس الإيجاب والقبول، والمعنى رعاية التواصل الزماني، كما قدّمنا ذكره.
وقد يطلق مثل هذا في الخلع، ولم يجسر أحدٌ من أصحابنا على (٣) حمل ذلك على المجلس الذي يناط بمنتهاه انقطاع خيار المجلس.
قال (٤): وإذا فرعنا على أن هذا توكيل، فيحتمل أن نقول: تطليقها ينبغي أن يكون على الفور أيضاً؛ فإن توكيل الزوج المرأة يشعر بتمليكها لفظاً، والتمليك اللفظي يقتضي جواباً عاجلاً، ولهذا قلنا: إذا قال لزوجته: "أنت طالق إن شئتِ"، اقتضى ذلك فوراً في المشيئة، بخلاف ما لو قال: أنت طالق إن شاء زيد، فيتضمن قوله طلِّقي نفسك جواباً عاجلاً والتماسَ تنفيذٍ أو إعراضٍ، ثم قال: وهذا إذا قال لها: طلقي نفسك.
ولو قال: وكلتك أن تطلقي نفسكِ، وصرّح بلفظ التوكيل، قال القاضي: يحتمل أن يقال أيضاً في هذه المسألة: يختص بالمجلس، كما وصفناه، وإن صرّح
(١) زيادة من المحقق.
(٢) ر. المختصر: ٤/ ٧٥، ٧٦.
(٣) زيادة من المحقق.
(٤) قال: القائل هو القاضي، فما زال كلامه مستمراً.