ومما يتعلق بالفصل أن الزوج لو أنكر نية الطلاق، فالقول قوله مع يمينه. والمرأة لو قالت: نويت الطلاق كما نويتَ، فقال الزوج: ما نويتِ أنت، فقد ذكر القاضي وجهين ذكرهما العراقيون: أحدهما - أن القول قولها؛ فإن المرأة هي الناوية، وإليها الرجوع، ولا مطّلع على النية إلا من جهتها. نعم، إن أراد تحليفها، كان له ذلك.
ومن أصحابنا من قال: القول قول الزوج، وهذا ضعيف لا أصل له، ووجهه - على بعده- أن الأصل بقاء النكاح، وعدم وقوع الطلاق، وهي تزعم أن الطلاق وقع بنيتها المنضمّة إلى لفظتها.
٩٠١٠ - ولو ذكر الزوج في التفويض كناية، فقال: اختاري، أو أبيني نفسك، أو بتِّي نفسك، فقالت: طلقت نفسي، فالمذهب الظاهر أن الطلاق يقع إذا اشتمل جانب الكناية على النية.
ومن أصحابنا من قال: لا يقع الطلاق. حكاه العراقيون عن ابن خَيْران، وهذا القائل يقول: ينبغي أن يكون جوابها على صيغة التفويض إليها.
قال القاضي: وهذا الخلاف يجري في التوكيل، فلو قال لأجنبي: طلق زوجتي، فقال: أبنتها، ونوى الطلاق. ولو قال: أبن زوجتي أو خلّها ونوى الطلاق، فقال الوكيل: "طلقتها". أو "هي طالق"، فيخرّج الخلاف.
ولو قال لزوجته: أبيني نفسك، فقالت: خلّيت نفسي، وَوُجِدت نية الطلاق من الجانبين، فلا يخفى تخريج هذا على ظاهر المذهب، والطلاق واقع.
فأما إذا قلنا: اختلافُ الشقين صريحاً وكناية يمنع وقوعَ الطلاق، فإذا جرت الكناية من الجانبين، ولكن اختلفت الصيغتان، ففي المسألة تردد على هذا الوجه الضعيف. ولعلّ الأوجه الوقوع تعويلاً على النية؛ فإن اللفظ لا استقلال له في الجانبين.