والاستمتاع، وأبو حنيفة (١) جعل لفظ التحريم يميناً بمثابة قوله: "والله لا أطؤك" ثم أقامه إيلاءً في النكاح، وحلفاً في ملك اليمين، ثم لم يخصص أصله بالفروج، بل قضى بأن تحريم الأطعمة والأشربة وغيرها من المستحلاّت بمثابة اليمين المعقودة على الامتناع منها. فإن خالف اليمين، وجبت الكفارة.
وما ذكرناه من اقتضاء التحريم الكفارةَ يختص بفرج الحرّة والأمة ولا يتعداهما إلى ما عداهما من المستحلات، وسنذكر حقيقة هذا في أول كتاب الأَيْمان، إن شاء الله.
٩٠٢٩ - ولو قال لزوجته أو أمته: أنت عليّ حرام، ثم زعم أنه أراد الحلف على الامتناع من الوطء، ففي قبول ذلك منه وجهان: أحدهما - أن اليمين لا تنعقد، وهو الذي صححه أئمة المذهب؛ فإن عماد اليمين ذكرُ اسمٍ معظَّم أُمرنا بالإقسام به إذا أردنا القسم، ولفظ التحريم ليس صريحاً فيه ولا كناية، وإنما لفظ التحريم ذكر المقسَم فأين القسم والاسم المقسَم به؟
ومن أصحابنا من قال: يثبت القسم إذا نواه؛ فإن موجب القسم عند الحنث يضاهي موجب التحريم، وقد قال أهل اللسان: "قول القائل: "لأدخلنّ الدار" قسمٌ، واللام لام قسم" فليس يبعد تحصيل اليمين بالنية إذا جرى مقصود اليمين بعبارة مؤكدة.
وهذا غير مرضي؛ فإنا لا نعرف خلافاً أن الرّجل إذا قال: لأدخلن الدار، ونوى القسم، لم يكن مقسماً، وأحكام الشرع لا تؤخذ من تقديرات العربية، واليمينُ منها منوطةٌ تعبداً باسم الله، أو بذكر صفةٍ من صفاته الأزلية.
ثم من جعل التحريم بالنية يميناً تردَّدُوا في لفظ التحريم في سائر المستحلاّت كالمطاعم والملابس وما في معناها، فقال القيّاسون من هؤلاء المفرّعين: التحريم يصير يميناً بالنية في جميع هذه الأشياء.
وقال آخرون: التحريم إنما يصير يميناً في المنكوحات والإماء.
(١) المبسوط: ٦/ ٧٠، مختصر اختلاف العلماء: ٢/ ٤١٣ مسألة ٩٢٢، حاشية ابن عابدين: ٢/ ٥٥٣.