وقد تحقق اليأس من الضرب، وعجزنا عن إيقاع الطلاق في النكاح الثاني.
٩٠٦٠ - وإن صوّرنا في البائنة موتها من غير تجديد نكاح، فهذا يُغني عن التفريع على عود الحنث، فنقول: إذا تحقق اليأس من الضرب آخراً، وعسر الحكم بوقوع الطلاق قبيل موتها؛ فإنها بائنة، أو منكوحة نكاحاً جديداً لا يقع فيه الطلاق المعلق في النكاح الأول؛ فإذا كان كذلك، فهل نتبين أنها طلقت في النكاح الأول قبيل البينونة؟ هذا موضع النظر.
والوجه ألا نحكم بوقوع الطلاق؛ فإنا إنما نحكم بوقوع الطلاق عند تعليق الطلاق بالنفي متى تحقق اليأس، فوقْتُ وقوع الطلاق يتقدم على اليأس بلحظة، وقد صادفت هذه اللحظة بينونةً، أو نكاحاً جديداً، ولو ذهب ذاهب إلى ردّ الطلاق إلى النكاح الأول ليأسٍ بعده، استرسل هذا الكلام إلى أصل، لم يصر إليه أحد من الأصحاب، وهو أن نقول: إذا تحقق اليأس والنكاح واحد، فنتبيّن عند اليأس وقوع الطلاق من وقت اللفظ.
وهذا من دقيق الفقه، فتأمّلوه ترشدوا.
ولم يصر أحد من الأصحاب إلى إسناد الطلاق إلى وقت اللفظ إذا تحقق اليأس، وهذا محتمل؛ من جهة أن المذهب الأصح أن المستطيع المستجمع لأسباب الاستمكان إذا لم يحج وقد تمادت سنون في الاستطاعة، فنحكم بأنه يموت عاصياً، وفي الأصحاب من يبسط المعصية على أول وقت الاستطاعة، ومنهم من يحصر التعصية في السنة الأخيرة، فليتنبه الناظر لما يُنَبّه له.
ولم نقل هذا ليكون وجهاً؛ فإن الأصحاب مجمعون على أن الطلاق لا يستند إلى وقت اللفظ، والزوج متسلط على الوطء إجماعاً، وإن كان بيده أن يضرب ويخلّص نفسه من هذا التوقع.
٩٠٦١ - ونعود بعد ذلك إلى ما كنا فيه، فنقول: إذا قال لامرأته: "إن لم أطلقك، فأنت طالق"، ثم انفسخ النكاح بسببٍ، وماتت على البينونة، فقد عسر التطليق بالانفساخ، ثم اتصلت البينونة بالموت، فهذا عندنا بمثابة الجنون إذا طرأ،