فصل
قال: "ولو قال لامرأته: أنت طالق إذا قدم فلان فقدم به ميتاً، أو مكرهاً ... إلى آخره" (١).
٩٠٧٨ - غرض الفصل بيان الإكراه والاختيار والعمد والنسيان، ولكنه مفروض في صفة تجتمع فيها غوامض، وينفصل باتضاحها قطبٌ من الأقطاب. ونحن نقول في مفتتح الفصل:
٩٠٧٩ - إذا قال القائل: والله لا أدخل الدار، فحُمل وأدخل الدار قهراً، لم يحنث؛ فإن هذا ليس بدخول، ولو أمَرَ حتى حُمل وأدخل الدار حَنِثَ؛ فإن هذا يسمى دخولاً، وركوبه الأكتافَ كركوبه دابّهً، وأَمْرُ الحاملين بالدخول به كإمالته العنان إلى صَوْب الدار، ولو حُمل وكان قادراً على الامتناع وأدخل الدار، فلم يأمر ولم يزجر، فهذا فيه تردد، سيأتي مشروحاً في كتاب الأيْمان، إن شاء الله تعالى.
ولو حلف بالله لا يدخل، فأكره حتى دخل بنفسه، ففي حصول الحنث قولان: أحدهما - أنه يحنث؛ لأنه دخل الدار.
والثاني - لا يحنث؛ لأن فعل المكره كالمسلوب، واختياره فيه موجوداً كالمفقود.
ولو نسي يمينه، فدخل الدار، ففي حصول الحنث قولان، وللأصحاب مسلكان في ترتيب النسيان على الاستكراه، والاستكراه على النسيان، وسيأتي ذكرهما في الأيْمان.
والقدر الذي تمس حاجتنا إلى ذكره الآن أن سبب الخلاف في النسيان أن الناسي غير هاتكٍ لحرمة اليمين، وليس بهاجمٍ على المخالفة، هذا هو المرعي.
فأما المكره، فسبب الخلاف فيه قضاء الشرع بتضعيف اختياره، ويتحقق فيه أيضاًً عدم الانتساب إلى اعتماد الهتك.
(١) ر. المختصر: ٤/ ٧٩. والزيادة بين المعقفين من نصه.