ولو ضربته ميتاً، لم تطلق؛ فإن الضرب المطلق في العرف لا يحمل على ضرب الميت.
والذي أطلقتُه من الصدمة لا ينبغي أن يعتمد الإنسان مُطلَقها؛ فإن من ضرب أنملةً على إنسان لا يتصور أن يقع بمثله إيلام، لم يتعلق بها بَرٌّ ولا حنث، فالمحكَّم إذاً ما يسمى ضرباً، وهو صدمٌ بما يفرض منه وقوع الألم، حصل الألم أو لم يحصل.
ولو قال: إن قذفتِ فلاناً، فأنت طالق، فقذفته حياً أو ميتاً، طُلقت؛ لأن قذف الميت كقذف الحي إطلاقاً، وحكماً.
ولو قال: إن قذفت فلاناً في المسجد، فأنت طالق، فالشرط في حصول الحنث أن تكون القاذفة في المسجد. هكذا قال الأصحاب.
ولو قال: إن قتلت فلاناً في المسجد، فالشرط أن يكون المقتول في المسجد، والفرق أن نفس القذف يُجتنبُ في المسجد، ولا يفهم من إضافة القذف في المسجد إلا كون القاذف في المسجد؛ فإن هتك حرمة المسجد بإنشاء القذف فيه. وإذا أضيف القتل إلى المسجد، فُهم من مُطلَقه إيقاعُه (١) بالمقتول وهو في المسجد.
هذا ما ذكره الأصحاب. ولم يحملوا القتل في المسجد على كون القتل في المسجد بتأويل أن يرمى إلى ذلك المعيّن أو يناله برمح والقاتل في المسجد والمقتول خارج المسجد، والأمر على ما ذكروه، واللفظان مطلقان.
فأما إذا قال: أردت بالقذف في المسجد كَوْن المقذوف في المسجد، وأردت بالقتل في المسجد كون القاتل في المسجد، فهل يقبل ذلك منه ظاهراً؟ هذا فيه احتمال بيّن وتردُّدٌ ظاهر؛ من قِبل أن قوله في المسجد ظرفٌ متردد بين القاذف والمقذوف، والقاتل والمقتول، وهو في محض اللغة الفصحى صالحة لهما.
والذي ذكرناه في الإطلاق موجَب العرف تلِّقياً من الهتك، فإذا فسّر لفظةً بما يصح على اللسان (٢)، وينطبق على اللغة، وجب أن يكون في قبوله خلاف، وهذا من
(١) في الأصل: إيقاع.
(٢) يصح على اللسان: المراد تداول الألسنة والعرف.