ولو أجبره السلطان على التسليم، ففي هذا نظر يبين (١) بتقديم أمرٍ عليه، وهو أن مستحق الحق لو سلبه من الحالف، وقد حلف لا تأخذ مني، فالظاهر عندنا أن الطلاق يقع. وفي كلام القاضي ما يدل على أن الطلاق لا يقع، وفيه على حالٍ إخالةٌ واحتمال؛ فإن الإنسان إنما يقول: أخذت مني إذا كان عن طواعيةٍ من المعطي، وإن لم يكن، يقال: سلبت مني.
وهذا بعيدٌ والوجه ما قدمناه.
قال القاضي: لو أجبر السلطان الحالف على التسليم، فعلى قولين، وهذا بناه على اشتراط الاختيار في الإعطاء، ونحن لا نرى هذا أصلاً، والتعويل على أخذ المحلوف عليه من يد الحالف أَعْطَى أو لم يُعط، رضي أو كرِه.
ولو حلف لا يعطيه، فأعطاه مختاراً ذاكراً، حَنِث، ولو كان مكرهاً أو ناسياً، فعلى الخلاف، ولو أخذه السلطان وسلمه إلى صاحب الحق، فلا حنث.
ومن أحكم الأصول، هانت عليه المسائل.
٩٠٨٨ - ثم قال: "ولو قال: إن كلمتِه، فأنت طالق ... إلى آخره" (٢).
إذا قال لها: إن كلمتِ فلاناً، فأنت طالق، فكلمته بحيث يسمع، وسمع، وقع الطلاق. وإن لم يسمع لعارض لفظ (٣)، وذهول في المكلَّم، فقد قال الأصحاب: يقع الطلاق، وفي هذا نظر سننعكس عليه به، إن شاء الله.
ولو كان المكلَّم أصمَّ، فكلمته على وجه لا يسمعه الصم، ويسمعه من لا صمم به، فقد ذكر الأصحاب وجهين: أحدهما - أن الطلاق يقع؛ فإن هذا يسمى تكليماً، وليست اليمين معقودة على الإسماع.
والوجه الثاني - أن الطلاق لا يقع؛ فإن ما جرى ليس تكليم الصمّ، فهو في حقه بمثابة همسٍ لا يسمعه السميع.
(١) في الأصل: بين.
(٢) ر. المختصر: ٤/ ٧٩.
(٣) كذا، والمراد: لفظٌ عارض يشوّش على المكلَّم.