على التجديد وامتناع حمله (١) على التأكيد، ولا ينبغي أن يُغيَّر أصلُ المذهب وقاعدتُه، بما يجري نادراً من حكايات النصوص.
والذي يمكن توجيه النص به: أنّ (بل) يتضمن استدراكاً في مخالفة ما مضى ومضادّته، حتى إن كان الكلام الأوّل نفياً، كان (بل) إثباتاً، وإن كان صَدْرُ الكلام إثباتاً، كان (بل) نفياً. هذا معنى الكلمة ووضعها، فإذا قال أولاً: أنت طالق، ثم قال آخراً: لا بل طالق، أو بل طالق، فهذه الكلمة ليست على وضعها في اقتضاء المخالفة فضعفت ووهت، وكانت كالساقطة المُطَّرحة، وهذا المعنى لا يتحقق في سائر التغايير الحاصلة بالصّلات المختلفة، وهذا لا بأس به.
على أنّ المذهب ما قدّمناه.
٩٠٩٦ - ولو قال: "أنت طالق، وطالق، فطالق" وقعت الطلقات الثلاثة (٢).
فإن قيل الفاء كالواو في معنى العطف، فهلاّ جوزتم أن يكون اللفظ الثالث تأكيداً للفظ الثاني؟
قلنا: الفاء عاطفة، والعطف ينافي التأكيد وليست الفاء تكريرَ الواو، فإذا امتنع التكرير في الفاء، وجب إجراؤه على حقيقة العطف، والعطفُ مقتضاه الاستئناف.
٩٠٩٧ - وإذا أردنا نظمَ هذه المسائل المتفرّقة تحت ترجمةٍ، قلنا: إذا تغايرت الألفاظ بصلاتِ عواطفَ مختلفة، فهي على التجديد.
وإذا لم يتخللها عواطف، فهي بين التجديد والتاكيد: فإن قَصَد التأكيد، قُبل، وإن قَصَد التجديدَ، نَفَذ. وإن أطلق، فعلى الخلاف، فإذا تخلل بين لفظين ما يمنع من التأكيد، وقعت الثنتان، وفي الثالثة ما ذكرنا من التفصيل، فإن أكد بها الثالثة، قُبل، وإن أكد الأولى، فعلى وجهين قدمنا ذكرهما.
(١) في الأصل: لفظه.
(٢) كذا (الثلاثة) بالتأنيث، وهو جائز صحيح، لتقدم المعدود، حيث تجوز الموافقة والمخالفة.