فصل
قال: "ومغلوب على عقله خلا السّكران ... إلى آخره" (١).
٩١١٣ - أما المغلوب على عقله بالنوم، أو الجنون، أو الإغماء، فلا يقع طلاقه، وأما السّكران، وهو مقصود الفصل، فنتكلم في حكمه، ثم نتعرض لبيان السكر، فنقول: طلاق السّكران واقع في ظاهر المذهب، ولا يُلفى للشافعي نصّ في أنه لا يقع طلاقه، ولكن نصّ في القديم على قولين في ظهاره، فمن أصحابنا من نقل من الظهار قولاً إلى الطلاق، وخرّج المسألتين على قولين.
ومعظم العلماء صائرون إلى وقوع طلاق السكران، وذهب عثمان وابن عباس وأبو يوسف (٢) والمزني وابن سُريج في أتباعٍ لهم إلى أن طلاق السكران لا يقع.
وأما سائر تصرفات السكران، فللأصحاب فيها طرق: منهم من قال: في جميعها قولان: أحدهما - حكمه فيها حكم الصاحي.
والقول الثاني - حكمه فيها حكم المجنون. والقولان مُجْريان في أقواله وأفعاله فيما له وعليه.
ومن أصحابنا من قال: ما عليه ينفذ، وفيما له قولان.
ومنهم من قال: أفعاله كأفعال الصاحي، وفي أقواله قولان؛ وهذا لمكان قوة الأفعال.
هذه مسالك الأصحاب، وأشهرُها طرد القولين في الجميع، ولا خلاف أنه مأمور بقضاء الصلوات التي تمرّ عليه مواقيتها في حالة السّكر، وإن كان السكر بمثابة الإغماء، على معنى أنه لا يتصور إزالته بالتنبيه، كما يُزال النّوم به.
(١) ر. المختصر: ٤/ ٨١. وتمام العبارة في المختصر: "وكل مكرهٍ ومغلوب على عقله فلا يلحقه الطلاق خلا السكران من خمر أو نبيذ".
(٢) لم نجد في كتب الأحناف من نسب إلى أبي يوسف القول بعدم وقوع طلاق السكران، ولكنهم ينتقلون إلى الكرخي، والطحاوي وينسبون القول بعدم الوقوع إليهما (ر. بدائع الصنائع: ٣/ ٩٩، حاشية ابن عابدين: ٢/ ٤٢٤، مختصر اختلاف العلماء: ٢/ ٤٣١ مسألة ٩٤١).