القائل: أنت طالق طلقةً وطلقةً، فإذاً نُجْري الوجهين على أحد الوجهين ونوجههما بهذا، فأما الأخذ من قول ابن الحداد وقول أبي زيد، فلا وجه له.
ولو قال للتي دخل بها: أنت طالق طلقة قبل طلقة، أو قال: أنت طالق طلقة بعدها طلقة، فاللفظان معناهما واحد، ولا حاجة بنا إلى تكلف بيان (١) ذلك، فليتأمله الناظر، واستواء هذين اللفظين في معنيهما كاستواء اللفظين الأوّلين في معناهما.
فإذا خاطب بما ذكرناه امرأته المدخولَ بها، وقعت طلقتان. وإذا قال لغير المدخول بها: أنت طالق طلقة قبل طلقةٍ، أو طلقة بعدها طلقة، فتلحقها طلقةٌ لا محالة؛ فإن الطلقة الموقعة أولى، وإذا كانت أولى؛ فإنها تقع. وقد يتمسك الفطن بهذا محتجاً لأحد الوجهين في المسألة الأولى، ويقول: إن صح مذهب الوصف والموصوف، وجب أن يقال: لا تقع الطلقة الأولى؛ فإنها لا تقبل الوصف باستعقاب أخرى، وإذا امتنع هذا، فقد زالت الصفة، فيزول الموصوف.
وقد ينقدح عن هذا جواب لا يخفى؛ فإن الرجل إذا قال لأمته: أول ولدٍ تلدينه، فهو حر، فإذا ولدت عن نكاح أو سفاح عَتَق، وإن لم تلد بعده، وستأتي هذه الألفاظ بمعانيها، إن شاء الله.
٩١٢٨ - ولو قال للتي دخل بها: أنت طالق طلقة معها طلقة، أو مع طلقة، طلقت طلقتين (٢) واختلف أصحابنا في كيفية وقوعهما، فمنهم من قال: يقعان معاً؛ لأن كلمة مع للاقتران، والوفاءُ بمعنى لفظه، ممكن، فيجب الحكم بالإيقاع على نحو ما ذكره، ومعنى لفظه الجمع.
والوجه الثاني - أنه تقع طلقة وتعقبها طلقة أخرى؛ فإنه أتى بلفظتين ليست واحدة منهما تفسيراً للأخرى، وكل لفظة مستقلة، فليقع الطلاقان بهما في زمانيهما، وقد
(١) زيادة من المحقق.
(٢) ما بين المعقفين ساقط من الأصل. وأثبتناه أولاً رعاية للسياق، ثم وجدناه بنصه -والحمد لله- في مختصر ابن عصرون (ر. صفوة المذهب: جزء٣ ورقة ٤ شمال).