فهي في التحقيق بمثابة الأوقات لما عُلق بها، ويجوز أن يعلق الشيء بوقت ثبوت شيء، ويجوز أن يعلّق بوقت انتفائه.
ثم إذا قال الرجل: أنت طالق إن لم يدخل زيدٌ الدار، لم يحكم بوقوع الطلق، ما دام الدخول منتظراً من زيد؛ فإن مات وفات إمكان دخوله، حكمنا بوقوع الطلق.
ثم ما عليه الأصحاب أنّ الطلاق يقع (١) إذا تحقق اليأس من الدخول، ثم يسند وقوع الطلاق إلى ما قبل اليأس، كما تقدّم.
ولو قال لامرأته: "أنت طالق إلا أن يدخل زيد الدار"، فإنه (٢) إن دخل، لم تطلق، وإن لم يدخل، طُلِّقت، كما إذا قال: أنت طالق إن لم يدخل زيد الدار، فقوله إلا أن يدخل زيد الدار يعطي من المعنى في الحال والمآل على طوري النفي والإثبات ما يعطيه قوله: أنت طالق إن لم يدخل زيد الدار.
وينتظم من ذلك أنه إذا قال: أنت طالق إلا أن يدخل زيد الدار، فالطلاق معلَّق بعدم دخوله.
٩١٦٩ - ومما لا يستريب فيه من لا يرضى بالتخابيل أن الطلاق بين أن يُنَجّز أو يعلّق، وهذا تقسيمٌ لا يُفرض عليه مزيدٌ.
فإن تعلّق الطلاق، فلا انتجاز في الحال، ومتعلَّق الطلاق نفي أو إثبات، وإن تنجز، فلا يجوز أن يكون له ارتباط بأمرٍ منتظرٍ، ولا يجوز أن يقدّر معنى التنجز، ثم يفرض فيه (٣) مستدرك.
وإنما ذكرنا هذا حتى لا يعتقد الناظر أن قول القائل: أنت طالق إلا أن يدخل زيد الدار تنجيز بعده مستدرك؛ فإن الطلاق المنجز لا يستدرك، ولكن حق الفقيه أن ينظر في عاقبة اللفظ ومغزاه؛ فإن رُوعي نفيٌ أو إثبات مأخوذ من اللفظ بوقوع الطلاق، فهو متعلّق الطلاق، والطلاق متعلّق به، ونحن نبني على هذا القول إذا قال: أنت طالق
(١) زيادة اقتضاها السياق.
(٢) في الأصل: إنه. والمثبت تصرف من المحقق.
(٣) في الأصل: منه.