أبو يعقوب يزعم أن الطلاق يقع باطناً لتحقق إرادة القلب، ولكن لا يقع الحكم به لعدم الاطلاع، فيستدُّ (١) كلامُه، وإن سلّم أن الطلاق لا يقع باطناًً، فيضعف ما ذكره، ونتبين أن متعلق الطلاق اللفظُ المجرد.
والذي أراه أن استدلال القفال حَرَّفه النقلة، والخلل يتسرع إلى النقل، سيّما في العلوم المعنوية، وعندي أن القفال ألزمَ الأبيوردي وقوع الطلاق بإرادة القلب، فقال أبو يعقوب: يقع، فقال القفال: يجب أن يصدّق إذا أخبر عن إرادة قلبه، هذا يجب أن يكون مجال الكلام، ولأبي يعقوب أن يرتكب (٢) مسألة الأجنبي، ويقول: يصدّق.
٩١٧٩ - فأما إذا قال لامرأته: أنت طالق إن شئت، فأرادت بقلبها، ولم تنطق، فيجب القطع بأن الطلاق لا يقع باطناًً وظاهراً؛ فإنَّ شرطَ جوابها أن يكون على صيغة الأجوبة واتصالها بالخطاب، والكلام الجاري في النفس لا يكون جواباً، فكأن الزوج علق الطلاق بإرادة وجوابٍ، فإذا لم يتحقق الجواب، لم يقع الطلاق ظاهراً وباطناًً.
ولو قال لامرأته: أنت طالق متى شئت، فهي كالأجنبي، فإن الجواب غير ملتمسٍ منها.
٩١٨٠ - وانتظم من مجموع ما ذكرناه أن التعليق إن كان على مشيئةٍ تقع جواباً، فالطلاق لا يقع بمجرّد إرادة القلب ظاهراً وباطناًً. وإن شاءت على الاتصال، وهي كارهة بقلبها، وظهر اللفظ منها، فهذا موضع تردّد الإمامين (٣). وإن كان الطلاق معلقاً بالمشيئة من غير اشتراط صيغة الجواب، فإن وُجد لفظ المشيئة مع كراهية
= مساء، حتى علم الله صدق عزيمتنا فألهمنا قراءتها، فله وحده الحمد والمنة، وإليه ألجأ لائذاً بحوله وقوته بارئاً من حولي وقوتي (انظر صورة الكلمة).
(١) في الأصل: "فيستمرّ" والمثبت تقدير منا على ضوء معرفتنا بألفاظ الإمام. والله أعلم.
(٢) سبق أن أشرنا إلى معنى (الارتكاب) الذي يعنيه إمام الحرمين في مثل هذا السياق. وهو واضح هنا من هذا السياق. فكل من يُلجئه مُناظره ويُلزمه ما لا يصح، فإذا لم يجد جواباً، والتزم ما لا يُسلّم ولا يصح، فهو (مرتكب).
(٣) الإمامين: القفال والأبيوردي.