لأصحابنا. وقد قدمنا رمزاً إلى مثله في الفرق بين العتق والطلاق.
٩١٩٩ - ومما يتعلق بهذا أنه إذا أقرّ في المرض بطلاقها في الصحة، فليس بفارٍّ، وإقراره مقبول، ولو أقر في المرض بعتقٍ نجّزه في الصحة، فهو من رأسِ المال.
قال القاضي: يجوز أن يُخرَّج في المسألتين قولٌ آخر أنه يكون فاراً، والعتق من الثلث. وأقرب مأخذٍ لهذا أن المريض في حالة حجرٍ، والمحجور عليه إذا أقرّ وأسند إقراره إلى حالة الإطلاق، ففي قبول إقراره في الحالِّ قولان، كالمفلس يقرّ بعد اطراد الحجر عليه بدين فيما مضى (١) زعم التزامَه في حالة الإطلاق، فهل يزاحم المقَرُّ له سائرَ الغرماء؟ فعلى قولين، قدمنا ذكرهما.
ولو أبان في مرض الموت امرأته الأمةَ، فعَتَقَت أو امرأته الذِّمية، فأسلمت، أو كان الزوج عبداً، فطلّق ثم عَتَق، فالذي قطع به الأئمة أنه لا يكون فارّاً في هذه المسائل؛ لأنه لم يكن متعرضاً للتهمة حالة الطلاق؛ فإن السبب المورّث لم يكن ثابتاً في ذلك الوقت، فإن طرأ سببٌ، فذلك لا حكم له.
وقد يتطرق إلى ما ذكرناه نظرٌ مأخوذ من إقرار الرجل لعمّهِ وله أولادٌ ذكور، فإذا جرى الإقرار في مرض الموت، ثم اتفق موت الأولاد ومصير العمّ وارثاً، والتفريع على أن الإقرار للوارث مردود، فهل يُردّ الإقرار في هذه الصّورة؟ فعلى قولين، وكذلك لو فرض الأمر على عكس ذلك، وقدّر المقَرّ له وارثاً لو فرض موت المقِرّ، ثم حدث حاجبٌ، ففي قبول (٢) الإقرار قولان.
فلو قال قائل: إذا جرى الطلاق، ثم أفضى الأمر إلى الوراثة، فيخرّج كون المطلق فارّاً على ما ذكرناه من القولين في اعتبار الحال أو المآل، لم يكن ذلك بعيداً.
والضابط في الباب أن الوصية يُرعى فيها المآل حتى لو أوصى لأجنبيّة، ثم نكحها، فالوصية مردودة، ولهذا لم نفرق بين وصية الصحيح وبين وصية المريض؛
(١) عبارة الأصل: مضى فيما زعم.
(٢) في الأصل: "قبوله" والمثبت تصرف منا.