طوائف من المحققين، منهم الأستاذ أبو إسحاق في جواب له، والقاضي حسين (١).
ووجه هذا بيّن؛ فإن ما حُكِّم الوجود فيه، فالوجه اتباعُه كيف فرض، وقد يستمر شيء في خلق، ثم تختلف الأَهوية والقُطُر (٢) فيه في عصور أخرى.
٤٤٧ - ومن أصحابنا من قال: إن وجدنا شيئاًً يخالف ما ذكره الشافعي، ووجدنا مذهباً من مذاهب أئمة السلف الذين يعتمدون الوجود موافقاً له، اعتمدناه وعملنا به، وإن لم نجده موافقاً لمذهبه، لم نعتمده.
وهذا فيه إلباسٌ؛ فإنا إذا وجدنا مذهباً ممن يعتمد الوجود؛ فقد ظهر لنا أن هذا الذي قد وجدناه الآن قد وجد قبل هذا، ولكن لم يبلغ الشافعي، ولو بلَّغه موثوق به، لاعتمده لا محالة، وصار إليه.
فهذا بيان ما قيل.
٤٤٨ - فإن قيل: لو رأينا امرأة ترى الدم دائماً؟ قلنا: نقطع بأن الجميع ليس بحيض؛ فإن الجبلّة لا تحتمل ذلك، وإنما يعتمد الوجود إذا كانت ترى طهراً مع الدم.
فلو فرض فارضٌ الدم لحظة واحدة، فهذا لا يكون قط حيضاً.
فإن قيل: أليس أقل النفاس لحظة واحدة عند الشافعي؟ قلنا: قد تلد المرأة ولا تَنْفَس أصلاً، وهى التي تسمى ذات الجفاف، فيتصوّر ألا ترى إلا دفعة واحدة من
(١) الحسين بن محمد بن أحمد، أبو علي، المرورُّوذي: القاضي حسين. الإِمام الجليل، أحد رفعاء الأصحاب، تكرر ذكره في الوسيط، والروضة، ولا ذكر له في المهذب، ويأتي كثيراً معرفاً بالقاضي حسين، وكثيراً مطلقاً (القاضي) وهو من أصحاب الوجوه في المذهب، تفقه على القفال المروزي، وهو من أجلّ أصحابه وأنجب تلاميذه، هو والشيخ أبو علي السنجي، قال عنه إِمام الحرمين: " حبر المذهب على الحقيقة " التعليق الكبير المشهور، تفقه عليه جمع من الأئمة منهم: إِمام الحرمين، والمتولي. واعلم أنه متى أطلق القاضي في كتب متأخري الخراسانيين، كالنهاية والتتمة والتهذيب، وكتب الغزالي ونحوها، فالمراد القاضي حسين. توفي ٤٦٢ هـ (تهذيب الأسماء: ١/ ١٦٤، والسبكي: ٤/ ٣٥٦).
(٢) القُطُر جمع قُطْر، والقُطْر: الناحية من الأرض، والمراد اختلاف المناخ الذي يؤثر عادة في الصحة والأجسام. وفي (ل): الفِطَر: جمع فطرة.