وإن قالت الأخرى: نويتني وعنيتني، فالخصومة تدار بينهما: فيحلف الزوج بالله لم ينوها ولم يعنها (١)، فإن حلف، انقطعت الخصومة، ويمينه على البت، فإنه ينفي فعلَ نفسه، فإن نكل، رُدَّت اليمين على المرأة، فإن حلفت، حكمنا بوقوع الطلاق عليها ظاهراً، لأجل يمينها، وقد نُثبت طلاق الأولى بإقراره.
وإن نكلت عن يمين الردّ، كان نكولها بمثابة حَلِفهِ.
ولو قال الزوج لما طالبناه بالبيان: قد كنت نويت وعنيت إحداكما ثم نسيت، فإن صدقناه، فلا طَلِبةَ، فإن المطالبة بالتعيين تأتي من جهتهما، فإذا رضيتا بالمقام تحت الاحتباس، فلا تعرض للسلطان. نعم، يُمنع من مُلابستهما جميعاًً، ومن مُلابسة كل واحدة منهما.
فأما إذا ادعى الرجل النسيان، فكذبتاه، فإذا سبقت واحدة وقالت: عنيتني، فقال في جوابها: لا أدري، فلا يقبل ذلك منه. ولو قال: حلّفوني بالله: لا أدري، لم نكتف بهذه اليمين منه، فإن المحلوف عليه فعله، فلتكن يمينه جازمةً، ولو فتحنا هذا الباب، لما توجهت يمين جازمة على من يُدّعى عليه استقراضٌ، أو إتلافٌ، أو قتلٌ أو غيرُها.
فإن قال الزوج: أتجوّزون صدقي؟ قلنا: نعم، فلو قال: فلم تطالبونني باليمين الجازمة، وأنا أمنحكم يميناً جازمةً في أني نسيت؟ قلنا: لا سبيل إلى إجابتك.
ولكن وراء هذا سرّ، وهو أنا لا نقضي بنكولك عن اليمين المعروضة عليك، بل نقول: اليمين مردودة على المدّعية، فإن حلفت، وقع القضاء بيمين الرد، وهي حجة جازمةٌ في الخصومة نازلةٌ في طريقةٍ منزلةَ البيّنة، وفي طريقةٍ منزلةَ الإقرار.
٩٢٣٩ - ومما نذكره على الاتصال بهذا أنه لو كان قال: إن كان هذا الطائر غراباً فزينبُ طالق، وإن لم يكن غراباً، فعمرةُ طالق، ثم فرضت الدعوى منهما أو من إحداهما وكانتا لا تدعيان طلاقاً إلا من هذه الجهة، فلو قال: قلت ما قلت من تعليق
(١) في الأصل: بعينها.