اضطرب الأئمة، فذهب ذاهبون إلى أنها مأمورة بمبادرة الصلاة بعد الفراغ من الوضوء، لتقليل ما يطرأ، فلو أخرت، لم تصح فريضتُها.
وذهب الخِضْرِيُّ (١) من الأئمة إلى أن حكمها حكمُ المتيمم، فلو أفرطت في تأخير الفريضة عن الوضوء، جاز، ولو توضأت لصلاة الظهر بعد الزوال، ثم لم توفَّق لأدائها، حتى تصرّم الوقت، قضتها بذلك الوضوء، قياساً على المتيمم؛ فإن قليل الحدث ككثيره، وقال: الأحداث التي تطرأ فرب الحكم حدث واحد، في حق الفريضة الواحدة (٢)، قلّت أو كثرت، فهذان الوجهان هما الأصل.
وذكر بعض أصحابنا وجهاً ثالثاًً، وهو أنها لو توضأت للظهر، فالأمر موسّع عليها، مادام الوقت باقياً، فإن صلت في آخر الوقت، وكانت توضأت في أول الوقت، فلا بأس، وإن انقضى الوقت، لم تقض تلك الصلاة.
وهذا بعيد عن قياس الشافعي، مشابهٌ لمذهب أبي حنيفة (٣).
٤٥٣ - فإن نزّلنا وضوءَها منزلة التيمم في حق الفريضة الواحدة، فلا كلام.
وإن منعناها من تأخير الفريضة عند الفراغ من الوضوء، فقد تردد الأئمة على ذلك:
فذهب ذاهبون إلى المبالغة في الأمر بالبدار.
وقال آخرون: لو تخلل زمن قصير، فلا بأس، وضبطُه على التقريب (٤) عندي، أن يكون على قدر الزمان المتخلل بين صلاتي الجمع في السفر، على ما سيأتي مشروحاً إن شاء الله عز وجل.
ثم كان شيخي يحكي في التفريع على الأمر بالمبادرة عن بعض أصحابنا: أنها لو توضأت قبيل الزوال، ولما فرغت زالت الشمس، فإنها تصلي صلاة الظهر، نظراً إلى
(١) سبقت ترجمته، وقد ضبط في (ت ١) الخُضَري.
(٢) في (ت ١): الأحداث التي تطرأ في الحكم كالمعدومة، في حق الفريضة الواحدة. وكذلك (ل).
(٣) ر. تحفة الفقهاء: ١/ ٣٣، والهداية مع فتح القدير، والعناية: ١/ ١٦٠.
(٤) في الأصل: الترتيب، وفي (ت ١): التقرّب. والمثبت من (ل).