الشيخ أبي حامدٍ (١) تردداً في الحكم بوقوع الطلاق إذا لم يكن للتحليف وجهٌ، فأما إذا حلفها، والمعلّق طلاقها، فاليمين حجّة، وحجج الشريعة مناط الأحكام، وينتظم منه أنه (٢) إن اكتفى بتصديقها ولم يُحلِّفها، فالحكم بوقوع الطلاق مشكلٌ كما ذكرناه.
وهذا نقلتُه وأسندتُه، ولست أعتمد ذلك؛ فإن المعتمد ما أطبق الأصحاب عليه، وقد تتبّعت طرقاً منقولةً عن الشيخ أبي حامدٍ، فوجدتها عريّةً عن ذلك.
وسبيل دفع السؤال أن جواز الحلف قد يستند إلى مخايلَ وأحوالٍ دالةٍ على الصّدق؛ حتى جوّرنا للمرأة أن تحلف على نية الزوجِ الطلاقَ، ولا مستند ليمينها إلا مخايلُ تتبيّنها من قصده، ولا قطعَ؛ إذ لو كانت تيك المخايلُ تورث قطعاً، لما صُدِّق الزوج في أنه لم ينو الطلاق، فإذا كان مثل هذا مستند الحلف، والحلفُ حجة، فإذا استند الإقرار إليه كيف لا نحكم به، وإنما ذكرت السؤالَ والجوابَ، ونَقْلَ التردد، حتى نُرسِّخ التنبه لما ذكرته في قلب الناظر.
٩٢٥٤ - ولو قال: أيتكن حاضت، فصواحباتها طوالق، فقلن: "حضنا". إن كذَّبهنّ، لم تُطلَّق واحدةٌ منهنّ، وإن صدّقهنّ، طُلّقن ثلاثاًً ثلاثاًً؛ لأن لكل واحدة منهن ثلاثَ صاحبات، فتأتيها ثلاثُ طلقات من جهاتهنّ.
وإن صدّق واحدةً، طلقت صواحباتها طلقة طلقةً بلا مزيد، ولم تطلق المصدَّقة.
وإن صدق ثنتين، طلقت كل واحدة من المصدّقتين طلقةً لأن لها صاحبةً مصدَّقةً، فتأتيها من جهة صاحبتها طلقة، وطلقت المكدَّبتان طلقتين طلقتين؛ لأن لكل واحدة منهما صاحبتين مصدّقتين، وإن صدّق ثلاثاًً وكذّب واحدة، طُلقت المكذَّبة ثلاثاًً؛ إذ لها ثلاث صاحبات مصدَّقات، فتأتيها من جهاتهن ثلاث طلقات، وتطلق كل واحدة من المصدَّقات طلقتين؛ لأن لكل واحدة صاحبتين مصدّقتين.
فهذا بيان أصول هذه الفروع والإرشاد إلى كيفية تفريعها.
(١) الشيخ أبو حامد الإسفراييني. سبقت ترجمته.
(٢) زيادة اقتضاها السياق.