قال: أيما امرأة لم أحلف بطلاقها، فإذا كرّر هذه اللفظة مرة أخرى، فقد حلف بطلاقهما جميعاًً، وبرّ في اليمين الأولى، ولكن انعقدت يمين أخرى، فإن كرّر ثلاثاً على الاتصال، برّت اليمين الثانية (١)، وانعقدت اليمين الأخرى، فلو سكت عقيب اليمين الأخيرة لحظةً يتصور فيها الحلف بالطلاق، فلم يحلف طُلِّقتا جميعاً.
والمسألة فيها إشكال؛ من قِبل أنه جعل ما يجري مقتضياً للفور، حتى قال: لو سكت عقيب اللفظ لحظة، حكم بوقوع الطلاق بالحلف الأوّل، قال الشيخ أبو عليَّ: عرضت هذه المسألة على الشيخ القفال، وعلى كل مَنْ شرح التلخيص، فصوَّبوه.
والذي يقتضيه القياس عندي أن قوله: أيما امرأة لم أحلف بطلاقها، فغيرها طالق، لا يقتضي الفور أصلاً، ولو سكت على ذلك، لم نحكم بوقوع الطلاق على واحدة منهما إلى أن يتحقق اليأس بأن يموت هو أو تموتا (٢).
وإنما قلنا ذلك، لأن الذي يقتضي الفور في هذه المنازل هو الذي ينطوي على ذكر وقتٍ مع التعلق بالنفي، مثل قوله: أيُّ وقتٍ لم أطلّق، أو إذا لم أطلّق، أو متى لم أطلّق، وقد نصّ الأصحاب على أنّه إذا قال: "متى لم أطلقك" فهذا يقتضي الفور، ولو قال: "إن لم أطلقك" فهذا على التراخي. وقوله: أيُّما امرأة ليس فيه تعرض للأوقات أصلاً.
والذي ذكره الشيخ أوضح من أن يُحتاج فيه إلى الإطناب، ولست أدري لما ذكره صاحب الكتاب وجهاً.
فإن قيل: قد نص الأصحاب على أنه لو قال لامرأته: (كلما) لم أطلقك، فأنت طالق، فهذا على الفور، وليس فيه تعرّض للوقت؟ قلنا: هذه المسألة صحيحة،
(١) في الأصل: الثالثة.
(٢) نسب ابن أبي عصرون هذا إلى صاحب التلخيص، وجعله من كلامه، ونصّ عبارته: "وقال صاحب التلخيص: وعندي أنه لا يقتضي الفور، ولا تطلق واحدة منهما حتى نيئس بموته أو بموتهما، لأن مقتضى الفور ذكر الوقت مع النفي" ١. هـ بنصه (ر. صفوة المذهب: جزء (٥) - ورقة: ٣٦ شمال).