وهذا محتوم. وإن كانت تعلم أن النجاسة تبرز مع ذلك؛ فإنها مكلفة بالسعي في تقليلها، وهذا يؤكّد أمرَها بمبادرة الصلاة، لتكون مقللة للحدث.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: " تلجمي واستثفري (١)، وأنعت (٢) لك الكُرْسُُف " (٣).
ثم مهما تحركت العصابة وزايلت موضعها، والنجس دائم، أُمرت بإعادة الغَسل (٤). وإن كانت قارّة، ولم يظهر نجس من جوانبها، فهل نأمرها بتجديد الغَسْل، ورفع الشِّداد وإعادته، مهما أمرناها بتجديد الوضوء؟ فعلى وجهين مشهوربن:
أحدهما - وهو الظاهر: أنا نأمرها بذلك؛ اعتباراً لإحدى الطهارتين بالأخرى.
والثاني - أنا لا نأمرها بذلك؛ فإنه قد تمهد في الشرع الأمر بالطهر مع قيام الحدث أو تجدده، وهذا في معنى ما لا ينقاس من التعبدات، فأما الأمر بتجديد الإزالة مع استمرار النجس، فبعيد.
وهذا غير سديد؛ فإنه لا خلاف فى الأمر به إذا زالت العصابة، ولا أثر للزوال، إنما الأثر لتجدد النجاسة.
وقال الأئمة (٥): لو لم تزل العصابة ولكن ظهر الدم عليها، أو من جوانبها وهي
(١) حديث: " تلجمي واستثفري " هذا اللفظ وقع في حديث حمنة بنت جحش الذي سبق في فقرة: ٤٤١. واستثفر الشخص بثوبه، اتّزر به، ثم ردّ طرف إِزاره من بين رجليه، فغرزه في حجزته من ورائه. (المصباح).
(٢) في الأصل: وسأبعث. وهو تصحيف ظاهر، أما في: (ت ١)، (ل): وسأنعت.
والتصويب من كتب الحديث.
(٣) الكُرسف: بضم، فسكون، فضم: القُطن.
(٤) في هامش (ل) ما نصه: " في (التتمة) عليها أن تغسل فرجها، تحشوه بقطن أو خرقة حتى تردّ الدم، وتعصب فوق ذلك، فلو عصبت فرجها، فخرج الدم قبل أن تصلي، فإن كان لرخاوة في الشد، فعليها أن تجدد الطهارة، وإِن كان لغلبة الدم، فلا شيء عليها، وإِن أرادت أن تتطهر لصلاة أخرى، فإن كانت العصابة قد تحركت عن موضعها، فعليها أن تغسل الفرج، وتعصبه مرة أخرى، وإِن كانت العصابة باقية كما كانت، فوجهان " ا. هـ. بنصه.
(٥) في (ت ١): "الإِمام". وكنت إِلى ترجيحها أميل، ثقة بها لجودتها، ولكن وجدتُ النووي، =