طريق التحقيق في ذلك أن نقول: قد قال ابتداء: إن طلقت زينب فعمرة طالق، فمهما أنشأ بعد ذلك تعليق طلاق زينب، ثم وقع الطلاق بالصفة، فقد طلق زينب، ومعلوم أنه بعد ما ذكر أولاً تعليق طلاق عمرة، علق بعد ذلك طلاق زينب، حيث قال آخراً: إن طلقت عمرة، فزينب طالق، فلما طلقت زينب بوجود الصفة، فتعود طلقة إلى عمرة لا محالة، فتطلق طلقتين: طلقةً بالتنجيز، وطلقة بالصّفة، وزينب لا تلحقها إلا طلقة واحدة.
ولو كان المسألة بحالها ولكنه طلّق زينب أولاً، فتطلق عمرة؛ فإنه قد قال ابتداء: "إن طلقت زينب، فعمرة طالق" ولا تعود طلقة إلى زينب؛ وذلك أنه لم يعلق طلاق زينب إلا انتهاء، لمّا قال: إن طلقت عمرة، فزينب طالق، فينبغي أن تطلق بعد هذا عمرة إنشاء، أو يبتدىء، فيعلق بعد ذلك طلاقها، ولم يوجد بعد القول الأخير تعليق طلاق عمرة، وإنما علّق طلاقها قبل ذلك.
وعبرة هذه المسألة أنه لو قال لامرأته زينب: "إن دخلتِ الدار، فأنتِ طالق"، ثم قال لعبده: "إن طلقتُ زينب، فأنت حرّ"، فإذا دخلت الدار وطلقت، لم يعتِق العبد؛ فإن تعليق طلاق المرأة سبق تعليق العتق.
وبمثله لو قال لعبده (١) أولاً: إن طلقتها، فأنت حرٌ. ثم ابتدأ بعد ذلك فعلّق طلاقها بدخول الدار، فإذا دخلت، طلقت وحصل العتق.
هذا هو الأصل، وقد يحوّج بعض الصور إلى مزيد فكرٍ.
فرع:
٩٢٨٠ - الذمي الحرّ إذا نكح امرأة وطلقها واحدة، ثم نقض العهد، واستُرِق، فأراد أن ينكح امرأته التي طلقها في الحرّية طلقةً واحدة، فنكحها بإذن السّيد، ملك عليها طلقةً واحدةً؛ فإنه طلقها من قبلُ طلقةً، وهي محسوبةٌ، ثم نكح وهو رقيق، ولا يملك الرقيق إلا طلقتين، وقد استوفى إحداهما.
وبمثله لو نكح في الكفر امرأة وطلقها طلقتين، ثم التحق بدار الحرب، فاستُرق بعد نقض العهد، وأراد أن ينكح تلك المرأة بعينها، قال ابن الحداد: له ذلك،
(١) في الأصل: قال العبد.