يتبين الغرض، فلا نحكم بالوقوع، وما أجريناه من الكلام على القرائن من الأصول والأقطاب.
فرع:
٩٢٩٨ - إذا قال لزوجته: أنت طالق إن دخلت الدار إن كلمت زيداً، فيقف وقوع الطلاق على الدخول والكلام.
ثم قال الأصحاب: يشترط ترتُّبُ الكلام على الدخول، حتى لو كلمتْ، ثم دخلتْ، لم تطلق؛ لأنه في الحقيقة علّق وقوع الطلاق عليهما عند الدخول بكلام، فكان هذا تعليقَ التعليق، والتعليقُ يقبل التعليق، كما أن (١) التنجيز يقبل التعليق، وهذا كما لو قال لعبده: إن دخلت الدار، فأنت مدبّر، فالتدبير يقف على دخول الدار، ثم لا عتق حتى يموت السّيد بعد دخول العبد الدار، وليس كما لو قال: أنت طالق إن كلمت ودخلت، بشرط وجود الوصفين لا غير، لأن الواو للجمع خصوصاً في المعاملات.
هذا ما ذكره القاضي والأصحاب: أما المسألة الأخيرة، فسديدة، وأما المسألة الأولى، ففيها نظر؛ فإنه ذَكَر صفتين من غير عاطف، فالوجه الحكم بتعلّق الطلاق بهما، فأما الترتيب، فلا معنى للحكم به (٢).
ولو قال: إن دخلتِ الدار إن كلمتِ زيداً إن أكلتِ رغيفاً، فأنت طالق، فالطلاق يتعلق بوجود هذه الصفات، والحكمُ بترتّب بعضها على بعض تحكُّمٌ، لا أصل له، فإن كان هذا مسلماً، فلا فرق بين أن يُقدِّم ذِكْرَ الطلاق وبين أن يؤخره. وإن كان ممنوعاً، فما قدمناه من الكلام كافٍ (٣).
ولو قال: أنت طالق إن كلمت زيداً إلى أن يقدَمَ فلان، فالتأقيت راجع إلى الصفة، والتقديرُ: إن كلمته قبل قدوم زيدٍ، فأنت طالق، ولا يرجع هذا التأقيت إلى أصل الطلاق؛ إذ لو رجع إليه، لتنجز في الحال، كما لو قال: أنت طالق إلى شهرٍ،
(١) زيادة لاستقامة الكلام.
(٢) في الأصل: بهما.
(٣) عبارة ابن أبي عصرون: وإن منع فما قدمناه كافٍ. والمعنى إن اشترط الترتيب ومنع وقوع الطلاق، فما قدمناه من الحجج كافٍ في نقضه.